يحمل قرار بنك الكويت المركزي برفع الحد الأقصى للقروض الاستهلاكية إلى 25 ألف دينار من 15 ألف دينار سابقا إشكاليات عدة في توقيته ومبرراته.
فرغم كل المبررات التي قدمها «المركزي» لتبرير هذا القرار، فإنه لا شك «مجبر أخاك لا بطل»، فأدواته لسحب السيولة الفائضة في البنوك أصبحت قليلة، والاقتصاد لن «يمشي» بالشعارات.
ومن المبررات التي سوقها «المركزي» لهذا القرار: معدلات النمو السكاني ومعدلات التضخم وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والمعمرة، وارتفاع الأجور والرواتب. بعض منها صحيح، والبعض الآخر لذر الرماد في العيون!
الممتاز في هذا القرار هو توقيف ما يسمى بـ «الفواتير» التي تحدثنا في «الأنباء» غير مرة انها غير مجدية وإضاعة للوقت، و«كتابنا وكتابكم»، والعقلية التي «أبدعت» فكرة الفواتير هي فعلا خارج العصر، وما زالت تعتقد انها يمكنها أن تتحكم في الناس وتصرفاتها في مالها وقرارتها.
يمكن ان يكون مبررا ذلك في القروض الإسكانية، للتأكد أن المقترض يريد بناء منزل أو شراء بيت أو شقة، خصوصا أن حجم القرض كبير، لكن لا مبرر له في القروض الاستهلاكية، لأنه من عنوانها هي موجهة للاستهلاك، والناس في استهلاكها مذاهب.
إذن الحل الآن، بنظر «المركزي»، هو في رفع سقف القروض الاستهلاكية. طبعا زيادة القروض الشخصية هذه ليست حلا لتحريك الاقتصاد، وان كان من حسنات هذه القروض انها مثبتة الفائدة على خمس سنوات، لأن ما سيحدث الآن هو زيادة المشتريات الشخصية وزيادة تضخم اسعار السلع، وبالتالي إعطاء مبررات للمركزي لرفع الفائدة في المرة المقبلة عندما يرفعها «المركزي الأميركي» لأن، وكما تحدثنا سابقا وتحدث «الشال» أيضا، اصبح الهامش ضئيلا بين الدينار والدولار، ولن يتمكن «المركزي» من الاستمرار في تثبيت الفائدة كما حدث غير مرة في السنتين الأخيرتين.
ومن المؤسف ان ترمى الكرة في ملعب الناس لتحفيزها على زيادة الاقتراض والصرف، لتمرير سياسات العجز الاقتصادي والنقدي!
*****
كيف تتصرف بقرض الـ 25 ألف دينار!
أما للذين ينوون زيادة قروضهم، انتم الذين رموا الكرة بملعبكم، فأنتم أحرار في قراراتكم، لكن في مدارس الاقتصاد ينصح دائما بان تعرفوا أين ستوجهونها، لأنه اذا سمح لك بأخذ مثلا 25 ألف دينار دفعة واحدة، أي نحو 83 ألف دولار، فسهولة الحصول على هذا المال ليس مبررا لأخذه!
وما تقوله هذه المدارس انه، أولا، عليك ان تعرف احتياجاتك لهذا المال، فإذا كنت تحتاج اليه فعلا ويمكنك تسديده على فترات سنوات السداد، فإنه الوقت المناسب للاقتراض، أما اذا كانت أمامك فرصة استثمارية يمكنها ان تغطي تكاليف القرض، فهذا أمر افضل بكثير للاقتراض الآن. ويعني ذلك ان الفرصة ستأتي بنحو 1400 أو 1500 دولار كعائد شهري على مدار السنوات الخمس المتاحة للحد الأقصى للقرض الاستهلاكي عند 83 ألف دولار. وتحدثت هنا بالدولار، لأنه لا فرص بالدينار ممكنة أو مجدية بـ 25 ألف دينار، حتى اذا أردت أن تفتح بقالة تحتاج، ربما، لأكثر من هذا المبلغ! وحتى البورصة لا تعطيك عائدا سنويا بـ 20% على استثمارك. ولا يوجد عقار بهذا المبلغ.
لذا فالأفضل لك ان تبحث فرصا بالدولار خارج الكويت، واذا لم تكن هناك فرصة ولا حاجة فعلية، فلا تقترض!
بالمناسبة، البعض يعتقد خطأ انه غني، اذا كان بإمكانه شراء موبايل جديد وسيارة آخر موديل وكماليات الحياة المترفة، لكن هذا الوضع يعتمد على حجم الكاش الفعلي الذي يمكنك من ذلك، وليس القرض الذي يحملك تكاليف إضافية ويرهن مستقبلك.
boumeree@
[email protected]