أصبح ملف الشهادات المزورة قضية رأي عام في الكويت، وهي قضية تستحق كل هذا الاهتمام لأن المزور الذي تسلم منصبا على أساس التزوير، أولا هو ينال راتبا بغير وجه حق ويحجز عملا قد يكون غيره أحق به وأكفأ منه في أخذه، والأهم من ذلك مادام زور ورقة لنيل عمله، فمن الممكن جدا أن يزور أمورا كثيرة في عمله وأن يكون فاسدا ويقبل الرشى، ما يضعف كفاءة الاقتصاد عموما.
لكن يفترض مما حدث أن يعيد النظر في أمور عدة، فمن المهم النظر اليوم إلى التغير الحاصل في عالم التعليم وسوق العمل.
فليس كل مخرجات التعليم العالي وشهاداتها الحقيقية هي بالضرورة مؤهلة أو تحتاج اليها سوق العمل اليوم.
وليس من الضروري الاستمرار في النظرة التقليدية أن أعمالا ووظائف ومناصب معينة تحتاج الى ليسانس أو ماجستير، لأن نيل الشهادة يصبح هدفا للبعض بدلا من أن تكون الكفاءة في معرفة الاختصاص ومهارة العمل هي الأساس عند الطالب أو من ينشد وظيفة معينة.
في السوق الأميركية على سبيل المثال تخلت الشركات الكبيرة وأبرزها Google وApple وIBM عن شرط حصول المتقدم إلى وظيفة على شهادة جامعية. وأعلنت هذه الشركات وعددها 12 شركة أميركية كبيرة عن هذا الأمر في أغسطس الماضي معطية الأولوية لمن يملك المهارة والخبرة العملية بصرف النظر عن التحاقه بجامعة أو كلية.
وهذا التحول يظهر الفكر الجديد الذي يحرك عالم الأعمال حاليا الذي لم يعد مهتما بالورق على حساب المعرفة العملية،
وفتح ذلك مجالا لكثيرين في السوق الأميركية لدخول الشركات بناء على خبراتهم ومهاراتهم العملية التي اكتسبوها إما بالاجتهاد الشخصي كما في علوم الكمبيوتر والبرمجة وبرامج الألعاب، أو عن طريق التعلم اونلاين من المصادر المفتوحة للعامة والمجانية.
وهذا التعلم الالكتروني، خصوصا المجاني منه، يعتبر فعلا ثورة جديدة تقلل نفوذ وأهمية الجامعات والكليات التقليدية.
فأي شخص اليوم يمكنه أن يكون معلما افتراضيا يقدم معرفته الخاصة ومهاراته على الاونلاين صوتا وصورة، ولنا في يوتيوب نموذجا، وأي شخص يمكن أن يكون تلميذا افتراضيا مهتما بأمر محدد يحبه ويريد أن يطور نفسه فيه دون غيره.
ومن هنا ظهر اهتمام الشركات العالمية بهذا النوع من المجتهدين الذين تلقوا علومهم بطريقتهم الخاصة من دون أن يدخلوا الجامعة.
وهناك من لم يتعلم بشكل منهجي مثل مبرمجي الألعاب الشباب الذين يهوون تطوير لعبة ما، وكلما اعترضهم أمر أو كود معين، رأيتهم يدخلون على اليوتيوب أو على مواقع تعليمية مفتوحة مثل Github وstack overflow حيث يساعد المبرمجون والمهنيون بعضهم بعضا عن طريق وضع حلول لمشاكل واجهت زملاء لهم ويسألونهم عنها، أشبه بفيسبوك لكن للمتخصصين والباحثين عن أجوبة معينة.
وهناك مواقع وتطبيقات مجانية عدة تعطي المهتمين دورات تدريبية بالصوت والصورة في مهارات محددة مثلا برنامج «اكسل» أو برامج «غرافيك ديزاين» أو Python للمهتمين بالبرمجة ولغاته الكثيرة أو علم الإدارة ولغات الويب والكمبيوتر HTML وJava وغيرها.
وأذكر من هذه المواقع والتطبيقات الأكثر شهرة اليوم للمهتمين بتطوير مهاراتهم وهي Udacity وUdemy، كما أن «لينكد إن» تقدم عن طريق LinkedIn learning دورات وتدريبا محترفا أيضا.
boumeree@
[email protected]