بيعت مؤخرا شركة «كريم» بـ 3 مليارات دولار لشركة «اوبر» أكبر شركة للنقل التشاركي في العالم. تذكر هذه الصفقة المليارية بما حدث قبل 4 سنوات في السوق الكويتية عندما استحوذت شركة «روكيت انترنت» الالمانية على شركة «طلبات» الكويتية بمبلغ قارب الـ150 مليون دولار. وقتذاك كانت منافسة «طلبات» شركة «كاريدج» تجهز نفسها لخوض غمار قطاع توصيل الطعام الذي كشفت «طلبات» عن ثروة ضخمة كامنة فيه، فكان منطقيا ان تدخل «كاريدج» لتنافس في هذه السوق الناشئة. بالطبع فكرت «كاريدج» في إضافة خدمة التوصيل ولم تكتف فقط بوضع منصة إلكترونية تجمع البائع او المطعم والزبون. وفعلا بيعت «كاريدج» بثمن قارب الـ200 مليون دولار بعد عامين على صفقة «طلبات» لمجموعة «ديليفري هيرو».
اقتصاد السوق يقول إنه يفترض وجود منافسين اثنين على الأقل في سوق ما حتى تصبح الاسعار والخدمة عادلة لمصلحة المستهلك، حيث يتنافس الاثنان على تقديم خدمة أفضل وسعر تفاضلي لكسب المستهلك.
اما اذا احتكرت شركة واحدة السوق، فغالبا لا تهتم بالزبون، وربما تضع أسعارا مرتفعة حتى تكسب اكبر قدر ممكن قبل دخول اي منافس الى السوق.
يحيل ذلك الى صفقة «كريم»، حيث تمكنت هذه الشركة الناشئة من اختراق اسواق عدة في الشرق الاوسط كانت تعتبر من الاسواق الصعبة، ومنها على سبيل المثال الكويت ولبنان، وعندما جاءت «اوبر» وجدت ان «كريم» قد مهدت لها الطريق في اسواق شرق أوسطية عدة، وما عليها الا ان تقطف الثمار،
لاشك ان القائمين على «كريم» عانوا الأمرين لدخول اسواق مثل الكويت، حيث قطاع التاكسيات شبه ممسوك من مجموعات متحكمة فيه، لكن ذكاء «كريم» ان أدخلتهم في لعبتها عبر ادخال التاكسيات في التطبيق لتصبح اليوم موجودة في السوق بصرف النظر عن وضعها القانوني. وفعليا، هذه استراتيجية «اوبر» الشرسة التي دخلت أسواقا من دون اخذ التراخيص الحكومية، بل فرضت نفسها كأمر واقع، وهناك حكومات استيقظت بعد سنوات مثل الحكومة المصرية، لتجد ان «اوبر» و«كريم» مخترقة سوقها ففرضت عليها ضرائب قيمة مضافة مرتفعة.
وتقنيا اليوم «اوبر» موجودة في السوق الكويتية كما في اغلب اسواق المنطقة بشكل مباشر او عبر «كريم»، وقطاع النقل التشاركي اصبح واقعا. واذا كانت «كريم» قد اخترقت جمود قطاع التاكسيات الكويتي، فيمكن لأي مستثمر او مجموعة استثمارية من الكويت او الخليج او اي مكان ان تدخل الان لتنافس في قطاع النقل التشاركي، اي فعليا يخلق منافسا لـ «اوبر». والحسبة بسيطة، فكما بيعت «كريم» بـ 3 مليارات، يمكن ان تباع الشركة المنافسة برقم مماثل في حال دخلت كل اسواق «كريم»، ولا شك ان الشاري جاهز ايضا، وهو منافسة «اوبر» شركة «ليفت» الاميركية، التي ربما يسيل لعابها لدخول المنطقة بعد ان وجدت فيها «اوبر» فرصة ممتازة، و«ليفت» عادة تلحق «اوبر» في كل شيء، فهي لم تخترع العجلة في نموذج عملها، وإنما قلدت «اوبر»، وها هو تقييمها اليوم يتجاوز 17 مليار دولار. وكما فعلت «كاريدج» وكسبت الرهان بعد صفقة «طلبات»، كذلك يمكن لأي شركة تطلق شركة منافسة لـ «اوبر» ان تحصد نتيجة مماثلة. يبقى هناك ان العمل شاق جدا، وعلى المغامر ان يعرف انه سيدخل في «عش الدبابير» لأن قطاع التاكسيات له هواميره، خصوصا في الخليج.
boumeree@
[email protected]