من اللافت أن نشهد صفقات في قطاع التكنولوجيا في الكويت والخليج، على غرار ما أعلنت عنه بوبيان للبتروكيماويات أنها باعت جزءا من حصتها في شركة بوتيكات بضعف التكلفة، أي انها ربحت 100% في 16 شهرا، وهي نسبة من الصعب تحقيقها في أي مجال أو قطاع آخر.
وبدوره، أعلن المؤسس في «بوتيكات» عبدالوهاب العيسى ان قيمة الشركة تضاعفت الى نصف مليار دولار، وهي معادلة ليست سهلة لشركة ناشئة منذ 4 أعوام فقط. والتصريح الذي أدلى به العيسى يفتح بابا لتشجيع الشباب على خوض هذه المغامرة في تأسيس شركات في قطاع التكنولوجيا، فالفرصة الآن سانحة لبدء مشاريع تكنولوجية شبيهة، مادامت «بوتيكات» الوحيدة على الساحة التي تعمل في مجال تسويق المنتجات عبر فاشينستات السوشيال ميديا.
والتقليد ليس عيبا، بل هو فرصة للمنافسة وفتح مجالات جديدة في سوق حديثة النشأة. فـ «كريم» فعلت الأمر نفسه عندما قلدت «أوبر»، فاستحوذت الأخيرة عليها بـ 3 مليارات دولار. واذا كان هناك سوق بنصف مليار دولار، فهو حتما مجال خصب للتنافس والابتكار والإضافة. وتقول «بوتيكات» ان فكرتها هي الأولى في العالم، أي انها لم تقلد نموذجا، كما فعلت «كريم»، لذا قد تكون إشارة للصناديق الخليجية، المليئة بالثروات، لكي تتجه الى أسواق عالمية لتكرار تجربة «بوتيكات»، تماما كما فعلت «بولت» عندما نافست «اوبر» في اهم أسواقها في أوروبا بدعم من صناديق صينية.
المشكلة الوحيدة اليوم في شركات التكنولوجيا كما في حالة «بوتيكات» وغيرها من الشركات الخليجية، وحتى الأميركية منها التي تعيش احدى اهم سنوات عزها اليوم، هي في حقيقة التقييمات، والى أي مدى تعبر عن أساسيات التقييم.
فمثلا، تم تقييم «اوبر» بقيمة وصلت الى 120 مليار دولار من قبل اهم بنوك الاستثمار العالمية، لكنها أدرجت بالبورصة الاميركية قبل شهرين بأقل بـ 40% من هذا التقييم. والسبب في ذلك هو منافستها «ليفت». فعندما وضع التقييم عند 120 مليار دولار، لم تكن «ليفت» قد أدرجت بعد، لكن إدراج «ليفت» قبل «اوبر» بشهر تقريبا غير الحسابات، لان المستثمرين اصبح لديهم مسطرة للقياس عليها، وقد قيموا «اوبر» بناء على تقييم «ليفت» في السوق. فحجم «أوبر» يساوي 5 أضعاف حجم «ليفت» من حيث عدد المستخدمين، لذا بما أن القيمة السوقية لـ «ليفت» كانت، عند إدراج «اوبر»، نحو 15 مليار دولار، فإن السوق قيم «أوبر» أقرب إلى 5 أضعاف «ليفت» عند 75 مليار دولار.
وفي حالة الشركات الخليجية، هناك تقييمات من دون بورصات وأرقام للمقارنة، لذا كل شيء ممكن وصعب قياسه. ومن المهم الآن، ان يتم إدراج الشركات الخليجية الناشئة، أولا لمعرفة التقييم الحقيقي لها، وثانيا لمعرفة أرقامها لكي يتمكن الآخرون من تأسيس شركات مشابهة أو تطوير الأفكار.
وكانت هناك تقييمات لشركة «طلبات» بـ 170 مليون دولار، ثم جاءت بعدها «كاريدج» بـ 200 مليون دولار، واليوم تأتي «بوتيكات» بحجم 500 مليون دولار، لكن مازالت كل هذه الأرقام تحتاج الى بورصة حقيقية لتأكيدها، وقد تكون قيمتها أقل أو اكثر من ذلك. وفي البورصات الأميركية هناك جدل أيضا على تقييمات الشركات التكنولوجية، التي يتم إدراجها منذ بداية هذه السنة، وآخرها شركة «سلاك» قبل أسبوعين بتقييم عند 20 مليار دولار، وهو 3 أضعاف تقييمها قبل الطرح العام.
لكن أرقام هذه الشركات معلنة، ويترك للبورصات، أو العرض والطلب في السوق، لتقييمها. وتأخذ عادة هذه الشركات دورة طويلة للوصول الى هذه التقييمات، حيث يدخل المستثمرون في جولات عدة لجمع الاموال، الى أن يتم الإدراج. وفعلت «بوتيكات» أمرا جيدا عندما ادخلت مستثمرين مثل «بوبيان للبتروكيماويات»، ويفترض أن تواصل جولات تجميع الأموال وإدخال مستثمرين آخرين،
فمن الممكن ان تصل لتقييمات أعلى من نصف مليار دولار قبل الادراج في البورصة. و«كريم» كانت تتطلع الى الأمر نفسه قبل أن تستحوذ عليها «اوبر». وكان لدى «كريم» خيار الإدراج في بورصة عالمية، لأنها تتوقع ان يتم تقييمها بشكل صحيح كشركة خاسرة في بورصة عالمية وليس في بورصة إقليمية، وهو الأمر الذي لا يفترض أن يكون في حالة «بوتيكات» التي قد تكون رابحة.
ومن المهم أن ترسل «بوتيكات» بعض الإشارات لتقييمها، مثلا نسبة الأرباح الصافية المحققة من مبيعات المنتجات بعد خصم تكاليف المنتجات وحصة الفاشينستا، وهل التقييم مبني على توقعات مستقبلية من عمليات شرائية من المستهلكين الحاليين، وغيرها من المعلومات المهمة لفهم السبب وراء تقييم نصف المليار دولار.
boumeree@
[email protected]