تحولات كثيرة تشهدها الشركات العالمية الآن في كيفية التعامل مع موظفيها، وقد يكون البعض منها مثل خيال بالنسبة للبعض وصعب التطبيق، لكن فعليا هذا الأمر سيحدث عاجلا او آجلا، لذا فمن الأفضل لمن يريد تأسيس شركة حاليا أو ينوي تطوير نموذج عمل شركته، أن يبدأ من حيث انتهى الآخرون.
فجيل الألفية او من هم بعمر 25 الى 39 سنة، لديهم اختلاف كبير في التفكير في العمل، ولم تعد الأمور التقليدية التي كانت تهم الجيل السابق لجيل الألفية مهمة كثيرا لهذا الجيل.
فأولا، بالنسبة لاماكن العمل، فهم يفضلون أن يكون مكان العمل أشبه بمنزل لهم، فيه عائلتهم وأصدقاؤهم وليس مجرد مكان لتحصيل المال أو الراتب. لذا من المهم كثيرا خلق أجواء أسرية فعلية في الشركة لكي يؤدي فيها الموظف من جيل الألفية عمله بإتقان ومحبة، ثم يبدع في الأفكار والحلول. ومن هذه الأجواء مثلا إتاحة وجبات دائمة في العمل، خصوصا الفطور والغذاء، مع وجبات خفيفة وسكاكر وحلويات دائمة. وايضا يفترض خلق ما يعرف بجلسات خارج الشركة أو Happy Hour بحيث يلتقي الزملاء في العمل بعد الدوام الرسمي للحديث بأمور اجتماعية لا علاقة لها بالعمل. وإذا كان الجيل السابق لجيل الألفية يهتم بنهاية الخدمة والمعاش التقاعدي، فهذا الجيل لا يهمه هذا الأمر كثيرا بقدر ما تهمه أمور أخرى. فالموظف من هذا الحيل يعلم أنه لن يستمر في شركة ما سنوات طويلة، لذلك فهو يركز على الامتيازات الأخرى. وقد تمكنت شركات ناشئة عدة من فهم طبيعة هذا الجيل لتعطيه أمور تهمه أكثر من التركيز على المعاش التقاعدي ونهاية الخدمة. بل بالعكس أصبحت الشركات تستفيد من عدم اهتمام هذا الجيل بهذه الأمور لتتمكن من خفض مصاريفها المستقبلية مثل مصاريف نهاية خدمة الموظفين، التي كانت تتكبدها الشركات التقليدية، حيث كان موظفو الجيل «اكس» او الأشخاص الذين ولدوا بسنة 1960 حتى 1979 يجلسون في الشركة عشرات السنين ما يدفعها لترحيل تكاليف سنوية لنهاية الخدمة لكل موظف.
أما الشركات الناشئة التي تركز على جيل الألفية، فهمت كيف تستثمر بشكل مختلف وتخفض التكاليف، فتكلفة الوجبات أقل بكثير من تكاليف نهاية الخدمة. كما هذا الجيل يهمه المرونة في العمل، فهو يعشق السفر والتغيير والتنقل، لذا أعطت الشركات الناشئة ميزة الإجازات المفتوحة للموظف، بحيث يستخدمها متى ما أراد. وتؤمن هذه الشركات بأن الموظف سيعود نشيطا وسعيدا بعد كل إجازة وسيتحمس للعمل والابتكار فيها. كما ان هذا التكتيك يوفر على الشركة الكثير من المال، إذ ان الإجازات غير مدفوعة. وكانت هناك إشكالية في إمكانية خروج موظف ما في إجازة في وقت يتطلب تواجده لتسليم مشروع في توقيت معين او عندما لا يكون هناك من ينوب عنه. وتمكنت بعض الشركات من حل هذه المشكلة، اذ طلبت من الموظفين أن يقوموا بأعمال عن بعد، في حال أخذوا اجازة في مثل هذا التوقيت، وان يتم التنسيق مع الزملاء.
الأفكار كثيرة اليوم لتجعل أماكن العمل ممتعة للموظفين، والبعض مازال يعتقد أن طاولة «بنغ بونغ» كافية للقول للموظف إننا شركة «فري» و«رياضية» لكن هذا الأمر تم تجاوزه الآن. فالشركات التي تريد جذب الأفراد للعمل بحرية لديها حاليا، عليها مثلا أن تنشئ صالات للعب الألعاب الإلكترونية، وتخصص ناديا صحيا كاملا، او توفر لهم اشتراكات في الجيم، وتحث الموظفين على الذهاب الى «الجيم» بشكل يومي لتغيير مزاجه للأفضل والحفاظ على صحته. كما عليها توفير بدائل رياضية ممتعة، فهناك من لا يحب رفع الاقفال على سبيل المثال، لكن قد تستهويه فكرة رياضة اليوغا، وهناك من يفضل رياضة الزومبا او العجلات على التمارين التقليدية لتخفيف الوزن.
boumeree@
[email protected]