كثيرون يخافون من الفشل. تراهم يكررون أنفسهم فقط لأن هناك خوفا من تجربة شيء جديد قد يفشل، ويخسرهم ما يملكونه.
هناك مقولة تتردد دائما ان «الشيء الذي تخاف ان تخسره، أخسره حتى تتوقف عن الشعور بالخوف».
لكن الفشل هو تجربة رائعة ومفيدة، تخرج من الفشل شخصا مختلفا.
في السيليكون فالي في ولاية كاليفورنيا الأميركية، حيث تنمو كبرى الشركات العالمية الآن مثل فيسبوك وغوغل وتيسلا وآبل، هناك اهتمام خاص بأصحاب التجارب الفاشلة، لدرجة ان من يقدم سيرة ذاتية فيها تجربة فاشلة يتم اخذ سيرته بمحمل الجدية والاهتمام، وربما يتم توظيفه فقط لأنه مر بمغامرة فاشلة.
فالشخص الذي فشل يصبح اكثر تحررا، لذلك هو هدف للشركات الناشئة أو التي تواجه منافسة شرسة في قطاعها.
فالناجحون لديها من الموظفين التنفيذيين والمديرين لا يريدون ان يغامروا بشيء جديد مادام الوضع القائم مريحا لهم ومستقرا، فتراهم يستبعدون الأفكار والخطط المجنونة، غير معروفة النتائج.
والشركة الناشئة تريد شخصا متحررا من قيود «الوضع القائم»، وتبحث عن شخص متهور، ربما يقودها لنتائج لا أحد يحسبها.
واليوم هناك جدل في السيليكون فالي حول إيلون ماسك، الذي يقف خلف صناعة السيارات الكهربائية في تيسلا والذي يريد ان ينافس «ناسا» عبر «سبايس اكس».
هذا «المجنون» الذي دخن الماريغوانا على الهواء مباشرة والذي مر بتجارب فاشلة على مدار 20 عاما، ويطلق كل يوم تصريحات خارجة عن المألوف.
وهناك قصة فشل أيضا معروفة للملياردير «جاك ما» في الصين مؤسس شركة «علي بابا» للتجارة الالكترونية.
ويعتبر الفشل سرا من أسرار نجاح الشركات الأميركية، حيث يحثون الموظفين على التجربة من دون الاهتمام بالنتائج، اذ ان الفشل يكون امرا محفزا للشخص لتصحيح المشكلة والبحث لها عن حل مختلف ومبدع.
وهناك آلاف الكتب التي تحدثت عن أهمية الفشل ووضعت النتائج الجيدة التي يحصدها الإنسان والشركات بعد الفشل.
والفشل يعلمك دروسا كثيرة، ويجعل الشخص لا يخاف شيئا لأنه فعليا جرب الفشل.
فلا شيء يخافه لأنه جرب معنى الخوف الحقيقي عندما فشل، فيصبح أي خوف آخر غير مهم، لذا فالذي جرب الفشل يصبح اكثر جرأة لأخذ مخاطر اكثر، وتحمل التبعات، واذا جاءت النتيجة عكسية، أي فاشلة، فتراه يبتسم لان الفشل اصبح شيئا طبيعيا، فهو يتقبل الفشل كأمر اعتيادي في الحياة.
ويصبح الشخص أيضا اكثر تواضعا عندما يفشل، لأنه يدرك معنى الفشل وأهميته فيعطي فرصا للآخرين لكي يفشلوا ويتعلموا وينجحوا، اي يصبح ملهما وناصحا ومتسامحا.
وكما الأشخاص هناك الشركات التي تفشل وتتعلم، وقالها يوما هنري فورد ان «الفشل هو الفرصة الوحيدة التي تجعلك مرة اخرى اكثر ذكاء».
وللأسف هناك شركات فاشلة في الكويت والخليج تحاول دائما ان تجمل وضعها وتربط فشلها بأمور خارجة عن نطاق أعمالها وإداراتها، كالوضع الاقتصادي او البيروقراطية الحكومية، وفعليا هي لا تتعلم ولا تعطي دروسا للآخرين لكي يتجاوزوا ما مرت به من فشل ويحاولوا بمكان آخر.
وهناك مقاومة غريبة من الشركات الفاشلة لإظهار نجاحها أو ان أوضاعها طبيعية، وإبقاء إداراتها نفسها، مع ان الكل يعلم بفشلها وأسهمها بالبورصة تقول ذلك.
ان اعلان الفشل هو نصف الحل، والنصف الآخر هو في وضع أهداف أخرى وحلول أخرى للاستمرار.
وكثير من الشركات تجد حلا عندما تعلن فشلها، يحدث ذلك في السيليكون فالي على سبيل المثال، اذ بمجرد ان تعلن الشركة فشلها، تجد مئات الذين يريدون الاستحواذ عليها، والاستفادة من تجربة الفشل فيها، لتصحيح مسارها، وتغيير خططها، وبذلك تكون قد أمنت فرصة للبقاء.
@boumeree
[email protected]