في عام 2002م خصصت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش ما يزيد على 300 مليون دولار لتشجيع التعليم غير المختلط، وإنشاء مدارس حكومية خاصة بالبنين وأخرى للبنات بلغ عددها بعد 3 سنوات 223 مدرسة في 32 ولاية، بزيادة سنوية 300%.
وذكرت الصحيفة الرسمية أن الرئيس يسعى إلى «توفير خيار أوسع للأهل في نوع التعليم لأبنائهم، ووسائل جديدة تعين التلاميذ على الانكباب على الدراسة وتحقيق نتائج أفضل. بل إن الحكومة الفيدرالية ستمنح المدارس الابتدائية والثانوية التي تود الفصل بين البنين والبنات تمويلا يفوق المدارس التي ستختار الإبقاء على النظام المختلط.
وبالتأكيد، فإن الرئيس الأميركي لم يكن ليتخذ مثل هذا القرار المفصلي لولا اطلاعه على دراسات وأبحاث لعلماء ومتخصصين في الشأن التربوي خرجوا بنتائج تبرز مساوئ التعليم المختلط ومحاسن التعليم غير المختلط، على عكس ما ينادي به الفريق الآخر، صاحب الصوت الأعلى (حاليا) في الساحة التربوية.
وأذكر هنا بعضا من أسماء هؤلاء العلماء لعلكم تطلعون على وجهة نظرهم في التعليم المختلط، منهم رجل القانون الأميركي المتخصص في النظام التربوي البروفيسور أميليو فيانو، والباحثة بوني فير بويست من جامعة غرب أونتارو في كندا، وليزا رايرسون رئيسة جامعة ولز، وعالم التربية البريطاني المرموق بفرلي شو صاحب كتاب «الغرب يتراجع عن الاختلاط»، ود. لينورد ساكس المدير التنفيذي للجمعية الوطنية للتعليم المنفصل بأميركا ومؤلف كتاب «لماذا يكون تحديد الجنس مهما عندما يتعلق بالتعليم»، وغيرهم. كلهم اتفقوا على أن مستوى التحصيل الدراسي والثقة بالنفس والطموح ترتفع لدى الذكور والإناث عند الفصل بينهم أثناء الدراسة، وذلك نتيجة لعدم انشغال أي من الجنسين بالظهور بهيئات معينة أو الالتزام بتصرفات ولياقات محددة أمام الجنس الآخر.
وأن التعليم المختلط يغش النساء بشعارات المساواة، بينما الحقيقة تؤكد أن المساواة الحقيقية هي بالفصل وذلك للخصائص والامتيازات المتباينة لكل من الجنسين والتي لا تركز عليها المدارس والجامعات المختلطة.
وللأسباب ذاتها، صرح كينيث بيكر وزير التعليم البريطاني إبان فترة وزارته بأن بلاده بصدد إعادة النظر في التعليم المختلط، بعد أن ثبت فشله.
حسنا، لست هنا لأنحاز لهذا الفريق أو ذاك، وللعلم فقد درست أنا نفسي في بيئة جامعية مختلطة، ولم أر بأسا في ذلك. لكني أرد على ذلك الصراخ المتشنج من بعض مدعي الانفتاح الفكري، الذين يرون التعليم المنفصل في مجتمعنا تخلفا، ويصرون على أن يكونوا غربيين أكثر من الغربيين أنفسهم، وأقول لهم: «يواش»! هل نسيتم الحريات التي تتشدقون بها دوما، ومنها الحرية في اختيار نظام التعليم المناسب، وحق كل فرد في اختيار البيئة التعليمية التي تتماشى مع قناعاته! وما دامت الدولة قادرة على توفير النوعين من التعليم الجامعي، فإني أدعوكم إلى أن تسترخوا وتريحوا أعصابكم من هذا التشنج، فلكم دينكم ولهم دينهم.
وللتذكير، فالمادة (26) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تقول: للآباء، على سبيل الأولوية، حق اختيار نوع التعليم الذي يعطى لأولادهم.