فيصل الزامل
وافق 2/8 هذه المرة يوم الخميس فازداد تدفق الذكريات الأليمة، واذا كانت أوروبا لم تنس غزو هتلر بعد مرور أكثر من 60 عاما فكيف لنا ان ننسى من فعل أكثر مما فعله هتلر؟ كان الجندي العراقي يقف بين البيوت ويطلق طلقة في الهواء، فمن فتح النافذة ليستطلع الأمر اعتقله، وشحنوا السيارات بفلذات أكباد الأمهات وهن ينتحبن، بعضهم أعيد إليهن حيا، واطلقوا النار عليه امام أهله، وحذروهم من نقله ليبقى اثرا يرعبون به أهل الحي.
كان المدنيون خصما، في نظر النظام البائد، لذا لم يفرق بينهم وبين العسكريين في الاعتقال، ومن اعتقله غيّر اسمه وغيّر هويته، وهو أمر لم تفعله ألمانيا النازية.
حتى بعد ان انتهى الاحتلال، وخرج صدام، ثم تم اسقاطه في 2003، وانهالت المساعدات الكويتية على الشعب العراقي كان الجزاء هو تلك الشتائم والتصريحات العدائية عن الحدود، فهي ليست قضية «صدام» بل سبقه زعماء آخرون مثله، ومن بعده أوباش أسوأ منه، وفي الوقت الذي قدرت فيه ألمانيا عاليا - بعد زوال «هتلر» - دور الحلفاء في تحريرهم منه، وتقديرهم لبرنامج مارشال لإعادة اعمار أوروبا، فإن الأمر في العراق مختلف تماما.
لقد كان الحقد وراء حرق الآبار، وليس شيئا آخر، والحمد لله انها تعوضت اضعافا مضاعفة (ارتفع سعر برميل النفط من 18 دولارا الى 68 دولارا) وارتد الحقد الى الجحر الذي خرج منه.
لقد دفن 2/8/90 هاجس الخوف من الكويتيين الى الأبد، ولله الحمد والمنة، فلم يؤد ارسال صدام 37 صاروخا ابان الحرب عام 2003 باتجاه مدينة الكويت وأحيائها السكنية إلا الى المزيد من الصمود والتحدي.
اننا في 2/8/2007 نترحم على من فقدناهم ونحتسبهم عند الله من الشهداء، وفي الوقت نفسه نحيّي القيادة السياسية البطلة ابان تلك المحنة، وفي مقدمتها الأمير المحبوب الشيخ جابر الأحمد يرحمه الله، والأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله عافاه الله، وبارك في عمره وعمله، وسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وفقه الله لما يحبه ويرضاه.
قارن بين التفاف الشعب حول قيادته هنا، وما حدث في العراق، حيث الكره المتبادل بين الشعب والقيادة. تقول المذكرات التي تنشر هذه الأيام من الجانب الأميركي:
كان الجنود العراقيون الذين نأسرهم متعاونين جدا معنا، يرشدوننا الى أماكن التجمعات، ويذكرون اسماء قيادات الوحدات العسكرية وتحركاتها.. الخ.
لقد كانت هذه نتيجة حتمية لكراهية الجيش للقيادة السياسية العراقية، التي لم تكن تفوت فرصة بغير توجيه اهانة للجيش، مع كيل المديح للحرس الجمهوري، وجيش المدينة، وحرس صدام، والحرس الوطني، الا القوات المسلحة، فكانت تهينها علنا، وردت عليها تلك القوات التحية بأسوأ منها، فالجيش لم يقاتل في 2003 كما تقول التقارير والدراسات لما حدث في حرب اسقاط صدام.
نعم، فازت الكويت بوحدة صف داخلي قوية، وخسرت العراق هذه الميزة، وهي أهم ميزة لأي دولة، وما لم نحرص على توثيق عراها فاننا لن نكون ممن استفاد من ذلك الدرس الخالد.