فيصل الزامل
هجرة الشركات هي صداع جديد في رأس الكويت، سببها المباشر مجلس الامة بلا لف ولا دوران، ما فائدة تغليف الموضوع بعبارات براقة بغير وضع النقاط على الحروف وقد وقع المحذور؟
الأجواء العامة تسبب الارباك لمتخذ القرار، فتأتي تصرفات حكومية غير متزنة، مثل موضوع شركة «آلافكو» التي فازت بعد منافسة مع 12 شركة عالمية، فاذا بالحكومة تنقض ما بدأت به، لتؤخر تسليم الطائرات الى 2016 بدلا من 2009 وبسعر أعلى، وما هذا الا مثال لاوضاع الارباك التي يعيشها متخذ القرار، حتى وان كان نائبا أو وزيرا كما في المواصلات، بغض النظر عن دعم مجلس الوزراء لقراره.
لقد استفاد الاردن من مشاكل بيروت على مدى ثلاثين عاما، واستضاف أنشــــطة الشركات النازحة من لبنان، وهو الآن يستفيد من العراق، وبالمثـــــل فان دولا خليجية مضيافة للأنشطة الاقتـــــصادية الجادة تفتح ذراعيها للشركات الكويتية مستفيدة من عدم الاستــــــقرار الذي تعاني منه لأكثر من عشرين عاما.
قبل مائة عام حدث شيء مماثل في الكويت بنزوح تجار اللؤلؤ، الفارق أن متخذ القرار قبل مائة عام لم يكابر، وســـارع الى تطويق أسباب ذلك النزوح، بينما سنسمع من السياسيين الكويتيين هذا الاسبوع مكابرة وإصرارا وكأنهم يتحدثون الى الحكومة، بينما تلك الشركات هي كيانات مستقلة حرة في اتخاذ قراراتها، والنتيجة هي المزيد من الاعتماد على الدولة في خلق الوظائف، وافادة دول أخرى من الشركات الكويتية الناضجة المنتشرة عالميا، و هي ستستمر في الاستفادة من الكويت فقط كنقطة «بيع» لخدماتها كالاتصالات الهاتفية، بينما لا تستفيد منها الكويت في تنشيط العجلة الاقتصادية، مثل خدمات النقل والتكوير العمراني والخدمات الصحية.. الخ.
لقد سمعت شكاوى من مؤسسات عالمية مالية فتحت فروعا لها في الكويت وهي اليوم أمام تحد في البقاء، او اللحاق بالشركات الكويتية، وربما كانت هي أكثر تضررا من الارباك العام الذي تعيشه دولة «قريبا على الشاشة.. استجواب الموسم!» والكلام الممل الذي نسمعه (نريد تشكيلة وزارية جديدة تحقق توافقا ولا تضم وزراء تأزيم ..الخ) والناس تعرف المقصود بهذه العبارات المكررة، حيث طغى التعيين السياسي في كل المستويات الوظيفية وليس منصب الوزير فقط، وصارت الدولة في الحضيض، في الخدمات وفي مسيرة التنمية ككل.
خذ هذا المثال، على مستوى تنويع مصادر الدخل، تشكل الصادرات النفطية في جمهورية مصر العربية 74% من اجمالي الصادرات، بينما تمثل 54% من اجمالي صادرات المملكة العربية السعودية والباقي صناعات تحويلية اخرى كالــــزجاج والحديد والأدوية والصناعات الغــــذائية.. الخ، رغم أنها أكبر مصدر للنفط في العالم، وذلك بسبب ايمانها بأن النفــــط هو ثروة مؤقتة ولا بد من الاعداد ليوم نضوبه الذي يقترب بسرعة، وقد تطلب الوصول الى هذا المعدل المتوازن في الصادرات السعودية ثلاثين عاما من العمل الجاد والمرهق، وهو ما لم تحقق فيه الكويت شيئا، حيث تمثل صادراتها النفطية 92% من اجمالي الصادرات، وبخروج الشركات الكويتية المدرجة، والمملوكة من المواطنين، فان النسبة سترتفع الى 100%.
تحية للدول الناجحة، حتى غير النفطية، كالأردن.. ولا عزاء لنا، بكل أسف.