فيصل الزامل
كتب مصطفى أمين في 15/2/1954 مفتتحا برنامج «ليلة القدر» الذي استمر لأكثر من نصف قرن، قائلا: «في قلب كل انسان أمنية تطارده، وهو يتهرب منها لارتفاع تكاليفها وصعوبة تحقيقها، قل لي ما هي أمنيتك أنت؟ اكتبها، سأحاول تحقيقها، بشرط ألا تطلب مني تذكرة ذهاب واياب الى القمر» تحوّل هذا المقال الى عمل مؤسسي تبناه الكاتب حتى آخر يوم في حياته وهو البداية لاشراك الاجهزة الاعلامية والصحافة في العمل الاجتماعي.
كانت كلمات أمين دائما تفيض بالتفاؤل والصمود أمام مشكلات الحياة، وكانت «أخبار اليوم» تحوّل الرسائل الواردة الى واجبات لفرق عمل تواجدت في مختلف المحافظات، صارت تلك الرسائل جزءا من واجبات المراسلين المنتشرين في أنحاء مصر، تعاملوا معها باهتمام كبير وكتمان أكبر، فهي لم تكن أبدا جزءا من المادة الترويجية للصحيفة.
انفتح باب الخير على مصراعيه، وبدأت الفرق في الذهاب الى مرسلي الخطابات، واستطاعت أن تحقق أحلاما كبيرة واخرى صغيرة لآلاف في الاقليم المصري، وحتى الاقليم السوري في فترة الوحدة، برامج كثيرة أنشأها البرنامج مثل «اسبوع الشفاء» لمرضى الكلى، دار «ليلة القدر» لرعاية الأيتام التي أنشأتها أخبار اليوم، «صندوق الكوارث» لمواجهة أحداث اجتاحت مناطق من البلاد سواء في ظروف الحرب والتهجير أو الكوارث الطبيعية، انتقلت العدوى من «أخبار اليوم» الى «الجمهورية» و«الأهرام» وغيرها من الصحف المصرية، ولم تنجح صحف حزبية في خوض هذا المجال رغم محاولاتها!
شاركت في البرنامج فعاليات نسائية وشبابية كثيرة، خذ مثلا موضوع تجهيز العرائس حيث يقوم برنامج «ليلة القدر» بالتوسط لدى شركات تتبرع ببعض الاجهزة الكهربائية ومستلزمات المنزل، وفي يوم 27 رمضان من كل عام يتم نشر نتائج أعمال ليلة القدر لاظهار درجة التكافل الاجتماعي في مصر، بما يوثق الروابط ويعزز من انتماء المواطن الى بلده وشعبه وأهله الذين شاركوه الحلوة والمرة، كما يقولون، وفي عام 1983 قرر مصطفى أمين أن يضيف الى مؤسسته الخيرية باب «لست وحدك» الموجّه الى الطلاب الذين لا يجدون ما يكفيهم.
استمر الرجل في عطائه بنفس الحماس الذي بدأ به حتى وفاته يوم 15/4/1997، كنت في ذلك اليوم بالحج، وصلتني رسالة على الهاتف تخبرني بوفاة مصطفى أمين، كنا في باص حملة الحج المتجه الى المزدلفة، وطالت فترة توقفه لساعات، لم أستطع الاكتفاء بالاستغفار له، فكتبت رثاءه، يرحمه الله.