فيصل الزامل
يختلف مفهوم الجنسية عن مفهوم القومية، فالأول يعود الى ارتباط الأجناس، فالجنس الأوروبي يختلف عن الجنس الآسيوي، وفي داخل تلك البقاع هناك جنسيات لا حد لها، وأما القومية فهي تعني تجمع أقوام في وطن واحد، يسمونها بالإنجليزية
«nationality» وقد تعرض مفهوم الجنسية في الكويت الى ارتباك سواء في التسمية أو المضمون، حتى وصل بنا الحال الى الخلط بينه وبين مكافأة نهاية الخدمة وأطلق عليه البعض مسمى «مكافأة الخدمات الجليلة» وهو مسمى مطاط وخطر.
مفهوم التجنيس - حسب الاصطلاح - لدى دول مثل كندا والولايات المتحدة يختلف عنه عندنا، فقد قرأت لأحد الكتاب ذات مرة انه حاول الحصول على الجنسية الأميركية فلما وجد انه سيفقد حرية الحركة في مصادر دخله التي ستخضع لرقابة أجهزة الضريبة والتزامات أخرى تتعلق بالتجنيد وغيره تراجع، وربما اكتشف ان الجنسية الكويتية تعني الأخذ، وتلك تعني العطاء، الى الحد الذي يخاطب الرئيس الأميركي مواطنيه عادة قائلا «أعزائي دافعي الضرائب»، بدلا من المواطنين، من هنا يتضح سبب حملات التسويق للجنسيتين الكندية والأميركية التي تنافس التسويق والدعاية للحسابات المصرفية، وقد تجد إعلاناتهم على بريدك الإلكتروني «مبروك دخلت السحب للحصول على الجنسية الأميركية»..الخ، ولهذا تجد أعداد الأوروبيين الذين يفضلون العمل في الخليج وغيره في تزايد، وقد أشار استبيان في بريطانيا الى ان 43% من الناس يفضلون العيش خارج بريطانيا والسعي للحصول على جنسية بديلة، لأسباب من أبرزها ضغط الضرائب، الذي يمتص 30 - 40% من دخولهم الشهرية.
الندوة التي عقدها الأخ النائب صالح الفضالة يوم الأحد الماضي لمناقشة هذا الموضوع على خلفية ما واجهه السيد الفاضل عبدالعزيز العدساني من محاولات اسكاته، كانت مناسبة مفيدة لبحث هذا الموضوع المهم، حيث شارك فيها عدد كبير من الاخوة المحامين الذين ساءهم ما وجه إليه من تهديدات فارغة، وقد أظهرت كوكبة من المحامين - تجاوزت العشرة من مختلف مناطق الكويت وشرائحها - غضبها تجاه الإساءة الى شخص عبر عن رأيه ولم يمس أحدا بذاته، وأكدت ان من تزعجه الدعوة لملاحقة المزورين كأنما «تحسس بطحة فوق رأسه»!
وفيما يتعلق بالقبلية، فنحن في الكويت نعرف بعضنا زين، أنا شخصيا متداخل عائليا مع قبائل مطير والعجمان والهواجر والفضول وقبلهم بنو خالد وعنزة، بالنسب والزواج المتبادل منذ القدم حتى الأمس القريب، كذلك زميلي على هذه الصفحة الأخ العزيز سامي النصف، والدته رحمها الله وأسكنها فسيح جناته من قبيلة مطير، ومثلنا الألوف من الكويتيين، وإذا أراد من أخفى أوراقه الثبوتية قبل سنة أو سنتين واستبدلها بأوراق مزورة أن يسكتنا عن الكلام باتهامنا بأننا ضد القبائل فهو يضرب على حديد بارد، وهو أمر تأكد في ندوة الفضالة التي حظيت بحضور مميز في مقدمتهم العم عباس المناور، وأساتذة كثيرون منهم عبدالله ركيان العجمي ويعقوب حياتي، ولا يتسع المجال لذكر الجميع.
لقد أشارت الندوة الى الظلم الواقع على مئات الألوف من الوافدين الذين التزموا بالقانون، وسددوا رسوم الإقامة بشكل سنوي، في حين أخفى زملاء لبعضهم أوراقه الثبوتية وانتحل اسما مزورا، وهو أمر كشفته لجان متخصصة شمل المئات من الملفات وما لم يكشف أكثر، وكان رد فعل الدولة هو مكافأة المزور بإعفائه من الرسوم ومعاملته بطريقة أفضل من الملتزم، بل لحقنا سيل من الشتائم من جانب المزور حتى نسكت، وهو أمر بالغ الفظاعة لا يحدث إلا في الكويت، وما لم تنتقل الحكومة من الضعف والخوف غير المبررين الى مستوى المسؤولية فإن الأرقام ستتضاعف الى نصف المليون، فإحصاء 65 وغيره من المستندات قد تم اختراقها، اذ ان الضعف والتضعضع يغريان بكل شيء، وأخطر ما في الموضوع هو ترك المسؤولين الجادين يواجهون - بمفردهم - هجمة منظمة، وهو أمر وضعت له ندوة «الفضالة» حدا فاصلا، فأنتم لستم، أيها الأعزاء، وحدكم بعد الآن،
أيا كان موقعكم.
فائدة
من أحاديث أهل البحر، أن رجلا من أهل العراق عمل في إحدى السفن الكويتية، طُلب منه تسلق الصاري (الدقل) لتعليق شيء في أعلاه، وصل الى المنتصف فتعب، فلما شجعوه على الصعود قال «ما بيا» أي لا أقدر، قالوا له، انزل، فقال «مو عيب»، أجابوه «اقعد بالوسط لما تطيح».