فيصل الزامل
ما معنى ان يتحدث علماء مسلمون كثر عن الوحدة بين المسلمين بل عن فضيلة الحوار مع اصحاب الديانات الاخرى وبالاخص السماوية، ومع ذلك تسمع من نفس العلماء مساجلات لا تخدم هذا الطرح؟ د.يوسف القرضاوي والعلامة محمد حسين فضل الله لكل منهما طرح راق في هذه الامور بل صولات في ندوات دولية وعربية تخدم هذا الطرح، في المقابل يقول فضل الله «ليس مقبولا ان نتحدث عن خرابيطنا وعن خرابيطكم» بعبارة اخرى يقول «عندنا وعندكم اصحاب غلو، هل تريدون ان يتحدث هؤلاء نيابة عنا جميعا؟».
أعتقد ان فئة من الناس في كل مجتمع تحتاج - حاجة - الى التحدي، وهي إذا انتهت من شريحة انتقلت الى اخرى، لذلك قال الاميركان بعد سقوط الاتحاد السوفييتي «والآن من هو العدو؟» اين التحدي؟ حاجة هذه الفئة من الناس خطيرة جدا، فهي كفيلة بتدمير ما يقوم ببنائه بقية افراد المجتمع، وفي بلادنا فإن من يطلب هذه «الحاجة» في الأغلب هي فئة لا تملك القدرة على البناء ومن ثم التميز، الأمر الذي يجعل التفجير اسرع طريق للتميز وتحقيق السبق (...).
حكاية سورة الولاية موجودة فقط في ذهن البعض، في حين لا يعرف المسلمون الشيعة غير كتاب الله الذي يعبد الله به كل مسلم، ومن التنطع والغلو المنهي عنه «الالزام بما لا يلزم»، قال الشيخ محمد الغزالي يرحمه الله «لم يقدم مصحف مما يطبع في ايران اوالعراق او في اي بلد آخر فيه حرف زائد عما يطبع ويتداول بين سائر المسلمين» يعلق على ذلك الشيخ فضل الله «هذه المسألة اسخف من ان تشغل أذهاننا، وقد قام علماء الشيعة بالرد على ما ورد في مؤلفات قديمة بشكل حاسم، واكدوا حرمة سب الصحابة وأمهات المؤمنين، ومن غير المقبول ان يتخصص بعضنا في التنقيب عن أمور شاذة موجودة في كل مذهب ويمنحها حجما لا تستحقه».
إن ما يميز علماء الدين في لبنان، مسلمين ومسيحيين هو توغلهم في الشأن السياسي على المستوى الفكري وهو امر طبيعي في بلد ينام ويصحو على السياسة، غير ان هذا الحضور الفعال للعلماء قد يقلل استفراد فئة «اين العدو؟» بالساحة، فمصائر الشعوب لا يمكن ان تترك لشهوة المغامرة والرغبة في التحدي الذي هو من طبيعة الشباب، وبالتالي نكون مادة لاصحاب المخططات في منطقة مزدحمة بمشاريع من كل لون، للدول والمنظمات السياسية بل لشركات السلاح، وإذا قرأت احاديث علماء لبنان من سنة وشيعة فانك تجد فارقا عن غيرهم في درجة الوعي السياسي بل المفردات السياسية المدروسة بعناية، وهو أمر يحتاجه بقية العلماء في المنطقة حتى لا يكونوا مادة للاثارة الصحافية التي يدفع ثمنها الالوف وربما الملايين من الناس.
إنني عندما أرى المصلين من سنة وشيعة في مساجد الكويت ودول الخليج لا أملك إلا احترام الإخوة الشيعة الذين يمارسون جوهر الدين ويحرصون على أداء الصلاة في المساجد وهو ما يحتاج الى تحقيقه بقية المسلمين، فيفعلون في بلادهم مثلما يفعلون في الحرم المكي، وكفانا حواجز تارة بين المذاهب وتارة أخرى داخل كل مذهب وبين اتباع هذا الشيخ وذاك في لهث غير مقبول وراء تلك «الحاجة»!
كلمة أخيرة:
«كان في بغداد رجلان يجلس احدهما عند طرف جسر الرصافة يمتدح الإمام علي، ويجلس الثاني عند الطرف الآخر يمتدح معاوية، والناس تجتمع هنا وهناك وتمد يدها بالمساعدة لكل منهما بحسب ما يعجبهم من الكلام، فاذا كان الليل اجتمع الرجلان وتقاسما المال».
نقلا عن كتاب «الحمقى».