فيصل الزامل
استجواب البراك هل كان سيحدث لو تغيرت نتائج انتخابات الرئاسة؟
إذا كانت إجابة هذا السؤال هي «نعم» مثلما يعرف أي متابع لمجريات الأمور عندنا، إذن ما هو الهدف الحقيقي من هذا الاستجواب؟ ولتكوين صورة دقيقة، سنترك الكلام المنمق جانبا ـ حق دستوري يستخدم حسب الغرض السياسي وليس الرقابي! ـ لنصل إلى ثلاث محاولات:
«المحاولة الأولى» الهجمات المتلاحقة على رئيس الوزراء لم تحقق نتيجة بسبب الرسالة القوية المستفادة من التجديد له، والتي مفادها، «انتقاد رئيس الوزراء ليس بسبب شخصه بقدر ما هو استهداف هيبة الحكم، هذا الاستهداف سيتكرر حتى لو تغير الشخص»، الدليل على صحة هذا الرأي ذلك التصريح الشهير «رئيس الوزراء إصلاحي» والذي تكرر قبيل كل انتخابات!
«المحاولة الثانية» السعي للتشويش على أداء رئيس مجلس الأمة، بسبب دعمه لاستقرار الدولة، وهذه لم تحقق نتيجة، بعد تكرار تزكيته من النواب.
«المحاولة الحالية» محاولة هز أحد رموز هيبة الدولة من الناحية الأمنية، وهو هنا رجل قرر أن يطبق القانون ـ ولم يمارس التشقلب أو التعيينات الجائرة حتى يضمن عودته إلى المنصب ـ هذه المحاولة تهدف إلى أن يؤدي إخضاع هذا «الرجل» إلى إخضاع الجميع.
لقد رأينا في التجربة اللبنانية قبولا للنتائج، واجتماعا ضم خصوما دار بينهم قتال بالسلاح، وهاهم اليوم يحاولون الالتقاء على القاسم المشترك، بينما في الكويت نرى لددا في الخصام لا يهمه أن تنزلق البلاد الى حفرة لا قاع لها، بل يدفع دفعا نحو خسارة الحياة النيابية عن سبق إصرار وترصد بسبب عدم تقبله نتيجة الممارسة الديموقراطية في بعض جوانبها على نحو ما تعاني منه إيران حاليا، ومع الأسف، انساق البعض بشكل سهل ورخيص وراء هذا «اللدد» وسلم تيارا فكريا دينيا كاملا لأهداف شخصية بحتة، معطلا بذلك المقاييس الشرعية والوطنية دفعة واحدة، ومتجاهلا أن الأيام تمر بسرعة وسيعود إلى كرسي الوزارة فلان ـ وبعده فلنتان ـ وهكذا، ولا قيمة لهذه الكراسي سريعة الدوران إزاء مقاييس دينية راسخة لا يجوز تسليمها لمن يعتبر تطبيق القانون سببا للمساءلة الدستورية، عجب!
إن الحكم في هذا البلد اليوم مطالب بتعزيز تطبيق القانون، وإذا نجح في هذا المنعطف الهام فسيحترم الناس القانون، يقفون لإشارة المرور وينتظرون دورهم بشكل منظم في أي مرفق عام، وسيفحصون فواتير الخدمات العامة لينتظم سدادها، لأنهم يثقون ان الدولة ليست فالتة، أما إذا حدث العكس فسينقض كل جار على جاره ليختطف ممر المشاة المشترك بينهما والذي يستخدمه أهل المنطقة، ويحوله الى مخيم بري خاص به جاثم بوسط المناطق السكنية، والأسوأ هو الموظف العام الذي سيعتبر الصلاحيات الوظيفية ملكية خاصة له فيوافق لهذا ويرفض لذاك، ومن يعترض سيعتبره قد وجه اهانة لموظف عام تنطبق عليه عقوبة السجن لستة أشهر مع غرامة 500 دينار.
نعم، الدولة اليوم أمام اختبار حاسم، وما يحدث في مجلس الأمة من هبوط شنيع في لغة الحوار هو انعكاس لضعف هيبتها، هذا الأمر يسعد الساعين الى هز تلك الهيبة لحاجة في أنفسهم، ولهذا سيقف المواطنون بكل قوة وراء هيبة الدولة التي تعني في النهاية أمن كل بيت في هذا الوطن.
كلمة أخيرة:
كان الناس يأتون الى الشجرة التي بويع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تحتها بيعة الرضوان فيصلون عندها، فأمر عمر ( رضي الله عنه ) بها فقطعت، ثم قال: «أراكم أيها الناس رجعتم إلى العزى ـ الصنم ـ ألا لا أوتي منذ اليوم بأحد عاد لمثلها إلا قتلته بالسيف كما يقتل المرتد»، الحزم والعزم صنوان للحكم الرشيد.