فيصل عبدالعزيز الزامل
تعزيز هيبة الحكم، هل هو مسؤولية الدولة وحدها أم أن المجتمع معني به؟
صحيح أن الجزء الأكبر من المسؤولية يقع على كاهل الدولة، غير أن مساندة المجتمع ضرورية لما يعنيه ذلك للناس من شيوع الأمن أو العكس، وحتى لو تنازلت الدولة أو قصرت في قيامها بتعزيز هيبتها فإن رفض المجتمع لهذا التنازل أو التقصير أمر ضروري فهو المعني بالضرر، ولهذا فإننا نحيي ـ من وقت لآخر ـ كل مسؤول يمارس واجباته لتعزيز هيبة الدولة، وقد سمعت بمواطن التقى موظفا في المطار كان يدخن وهو على رأس عمله، فقال له «ما رأيك فيمن أصدر قانون منع التدخين؟ هل تحترمه؟» لقد حركته الغيرة على «هيبة الدولة» قبل الباعث الصحي.
إنها مسؤولية المجتمع بالشراكة مع الدولة يدا بيد، ولتقريب الصورة، لا يمكن قبول إهانة زوج لزوجته أو العكس وبعدها يمارس أي منهما حياته العادية معه، كيف يبتلع الطرف الآخر إهانة قاتلة وبعدها يعيش معه بشكل طبيعي؟ هذه الجراحات العميقة لا تسمح بمضي مسيرة العيش بشكل آمن، التوجس والحذر يسيطران على كل منهما ليس بسبب الخلاف وتباين الرأي ولكن بسبب التعامل المهين والجارح في عمق إنسانية الطرف الآخر، شيء من هذا القبيل تجده من شخص وصل إلى كرسي البرلمان ـ مثلا ـ واستسهل إهانة أحد المسؤولين، كيف يمكن نشوء علاقة ثقة بين الطرفين وأحدهما يحمل ضغينة للآخر؟ وربما يتحين الفرصة ليصيبه في مقتل، ومرة أخرى، هذا شيء، وتباين الآراء شيء آخر.
التمثيليات التي تستخف بقيادات الدولة هي واحدة من أدوات الضرب في هيبة الدولة لدى العامة من الناس بل وبعض الموظفين، ولا ينفع هنا الاستشهاد بتجربة لبنان أو غيرها فحاصل جمع خطأين لا يساوي «صح»، وأما الصح والصواب فهو (يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم).
كلمة أخيرة: استمعت للدكتورة التي كانت تدرسنا مادة الالتزامات ـ قانون، أثناء دراستي في جامعة الكويت وهي تقول: «يا ولاد، الدولة في أي بلد لا تحكم بوضع خفير على رأس كل حارة، ولكنها تحكم بالهيبة، فهي التي تمنح القوانين ثقلها وقدرتها على التأثير».