في ظل الإعلان المتكرر من الجانب الحكومي عن الاستعداد لخوض كافة الاستجوابات المقدمة، ما لم يكن هناك مانع دستوري، وفي ضوء التصعيد الذي وصل الى حد الاستماتة الرامي الى إيقاف الحياة النيابية، مراهنة على رد الفعل على ذلك التصعيد، في ضوء ذلك كله فقد تسير الأمور بخلاف ما يطمح إليه المقامرون بمصير البلد.
«الأرض» أو الجمهور مع الحكومة إذا واجهت الاستجوابات الواحد تلو الآخر، وفككتها بمهارة واحتراف بالنظر الى أن أيا من تلك الاستجوابات لا يهدف الى معرفة الحقيقة، جميعها وبلا استثناء يأخذ منحى سياسيا، بالنظر إلى عزوفهم جميعا عن استخدام قنوات التحقيق المحايدة ـ النيابة العامة ـ وتفضيلهم المانشيت الصحافي وفريق مصوري المحطات التلفزيونية الذين يتقافزون في جنبات مجلس الأمة بسرور بالغ.
إذا نجح الوزراء متعاقبين في بيان ما يحتاج إلى بيان، وفشل المقامرون في تسيير أغلبية أعضاء المجلس حسب برنامجهم الذي انكشف لدى كافة أفراد المجتمع الكويتي الأسبوع الماضي، فإن ذلك كفيل بإقامة حجة قوية على «اللذين يقودان» مسيرة مخطط تعطيل الحياة النيابية.. من مقاعد النواب!
لقد كان حرص النواب المتقدمين باستجواباتهم على التصوير الصحافي لهم وهم يقدمون أوراقهم ـ باستثناء د.فيصل المسلم ـ أمرا لافتا للنظر، وأعجب منه ذلك التدافع الذي لا يحمل أي درجة من التنسيق بين النواب، ولا يعكس شعورا بالملائمة السياسية بقدر ما هي الاستجابة لوهج المانشيتات الذي جعل أحدهم يقول للصحافيين عندما سألوه ـ أو استثاروه ـ «متى ستقدم استجوابك؟ فقال «لا تستعجلوا؟» وما هي إلا ساعات حتى جاء مهرولا بأوراق كتبها على عجالة، ولم ينس أن يستدعي الصحافيين لأخذ صور جميلة له، لقطة من اليمين وأخرى من الشمال، مع ابتسامة بكامل طقم الأسنان له وهو يسلم تلك الوثيقة التاريخية
نعم، الجمهور اليوم منزعج تماما، وسيقف في صف الطرف الحكومي إذا ما عرف كيف يدافع عن سياساته وأدائه، وسيحقق تأييدا حاسما من البرلمان والشارع الكويتي يستأنف بعده مسيرة العمل التنموي بقوة وهمة ونشاط يحول النجاح السياسي إلى ركيزة لنجاح اقتصادي جارف، يعود بالنفع على المواطنين في حاضرهم ومستقبلهم، وهو انجاز وطني يخدم الشعب الكويتي أكثر من أي طرف آخر من أطراف العملية السياسية.
كلمة أخيرة:
هناك استهجان شعبي كبير للعبارات غير اللائقة الكثيرة التي استخدمت الأسبوع الماضي داخل مبنى مجلس الأمة، وأيضا للأداء المسرحي الذي قلل من قدر شخصيات كانت في غنى عن تلك اللقطات التمثيلية. في المقابل اتسمت العضوة أسيل العوضي بالاتزان في شرحها لقانون العمل الأهلي، واجتهدت في بيان الجوانب القانونية والفنية بعيدا عن الأجندة السياسية لهذا الطرف أو ذاك.. شكرا للأخت أسيل، ولكل من يحرص على الممارسة الراقية في العمل البرلماني.