في العنوان الأول نقول إننا نعيش في الكويت هذه الأيام وضعا اجتماعيا واقتصاديا فريدا لا نحسد عليه، فقد أقرت الحكومة رفع الدعم عن الديزل وألحقت بذلك رفع سعره ثم تعود لتصدر تصريحات متضاربة بهذا الخصوص، ثم تلمح إلى زيادات أو خطوات مماثلة في خدمات أخرى وكأن الحكومة تمهد الطريق لها بعد معرفة ردة الفعل الشعبية في موضوع الديزل.
ولقد أخطأت الحكومة المسار منذ البداية في مسألة الدعم فلو كان دعمها مبنيا على بيع تلك الخدمات أو السلع بسعر التكلفة من غير ربح أصلا لما احتاجت إلى كل هذه البلبلة والتناقض وحتى التردد اللذين نراهما، فالحكومات التي تفكر بمستقبلها لا يمكن أن تخطو خطوة غير محسوبة النتائج أو أن تتخذ إجراء لتكتشف فيما بعد عدم صوابه بل وضرره البالغ على الاقتصاد.
كان بالإمكان مثلا للحكومة (ولا أقصد الحكومة الحالية طبعا وان كانت جزءا من مصطلح الحكومة) أن تضع نسبة معقولة لهامش الربح على سلعها حتى إذا ما أرادت أن تتبنى رفع الدعم فإنها تزيل تلك النسبة او تخفضها دون أن تمس سعر التكلفة وبالتالي لا تتعرض للخسارة كما نسمع اليوم من شكاوى حكومية بأن الحكومة تبيع خدماتها بأقل من سعر التكلفة وهذا برأيي المتواضع يدخل تحت عنوان الغباء الاقتصادي والإضرار بمصالح الدولة العليا اكثر من كونه تخفيفا عن كاهل المواطن.
وفي العنوان الثاني اذا نظرنا إلى الدعم الذي تقدمه الحكومة لسلعة الديزل فسنجد أن من يحصل على ذلك الدعم حاليا كما صرح بعض المسؤولين هي المصانع المحلية بما في ذلك مخابز الجمعيات. إذن من بقي؟ ومن هي الفئات التي تحتاج للديزل ولن يطولها الدعم؟ يمكن أن نجد شركات النقل فقط هي الوحيدة التي ستحرم من دعم الديزل، والسؤال المنطقي ما حجم هذه الشركات بالمقارنة مع المصانع المحلية؟ من ذلك يتبين لنا أن رفع دعم الديزل هو كمن يهول من فيضان عارم مدمر بسبب تعطل حنفية صغيرة في ملعب كرة قدم، بمعنى ان المسألة ضحك على عقولنا وقد يكون هدفها حماية او تنفيع جهات معينة محددة.
أما العنوان الثالث فهو عن التسابق في تصريحات الوزراء عن ضرورة وقف الهدر وترشيد الانفاق واتهام الميزانية باحتوائها على مصاريف غير ضرورية والدعوة إلى إلغائها ويبدو أن أصحاب المعالي الوزراء كمن «يكذب الكذبة ويصدقها» فمن الذي وضع الميزانية أصلا أليس هم الوزراء؟
ومن أوجد ذلك الهدر بل ضمنه مشاريع الوزارات أليس هم الوزراء أو قياديو وزاراتهم تحت سمعهم وبصرهم وموافقتهم الصريحة؟ فعلام هذا التذاكي إذن؟ وهل تظنون أن المواطن العادي أصم وأبكم ومغفل وغبي وجاهل حتى يصدق ما تدعون أم أن سوق التصريحات الكلامية غير المدعومة بإجراءات فعلية هو البلسم الشافي لخلاص الكويت من تصرفات تفجرت حناجر المخلصين من أبناء هذا البلد وهم يطالبون بالحد منها وإيقافها؟!
إن كنا شعب لا يقرأ لكننا بكل تأكيد شعب نفهم ما يدور في شرايين أدمغة بعض المسؤولين عسى الله أن يهديهم لقول الحق وفعل الخير.
[email protected]