للكلمة أثر كبير في حياتنا، فهي إما أن تكون بلسما يداوي الجراح، أو سهما نافذا يفتك بمن يواجهه.. وتبقى الكلمة معلقة في رقبة قائلها إلى يوم القيامة، فتكون طوقا للنجاة أو قيدا يجر صاحبه إلى الهلاك والعذاب، وهذا ما أخبرنا به المولى عز وجل في كتابه العزيز (وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) «سورة ق».
ومع إدراكنا للمسؤولية العظيمة للكلمة، سنعمل بإذن الله على أن تكون زاويتنا هذه صوتا صادعا بالحق، ناقلا للحقيقة، متصديا للخلل، وفاضحا للتجاوز، ومحاربا بكل ما أوتي من قوة للفساد والمفسدين.. انطلاقا من حبنا لهذا الوطن الغالي وسعيا لرفعته وعلو شأنه.
ولا بد في البداية أن نوجه كل الشكر والعرفان إلى جريدة «الأنباء» الغراء على إتاحة هذه المساحة كي تكون نافذة نتناول من خلالها ما أمكننا من قضايا الوطن وهموم المواطنين. وليس هذا بغريب على «الأنباء» التي عرفت على مدى تاريخها بأنها نبراس للحقيقة، وعنوان للحياد والشفافية.. وندعو الله أن نسهم في وضع لبنة صغيرة في سبيل خدمة قرائها الكرام.
وفي أولى هذه المقالات، آثرت أن أتناول واحدة من أزمات الساعة.. أزمة تناولتها وسائل الإعلام على مدى الأيام الماضية، وحظيت باهتمام المواطنين والمقيمين، واكتسبت زخما كبيرا في نقاشات الدواوين وكتابة الإعلاميين، وكذلك تصريحات المسؤولين.. أزمة، ربما كنا في حاجة إليها لكشف واحدة من قضايا الفساد المستشري في مؤسساتنا وتعرية وسيلة من وسائل النهب المتواصل لثرواتنا ومقدراتنا دون حسيب أو رقيب.
إنها أزمة المطر.. نعم المطر الذي دائما ما ننتظره ونستبشر به ونفرح بهطوله، إلا أننا عندما نزل ليومين متتاليين وجدنا أنفسنا أمام صورة مؤلمة لم يكن يتوقعها أحد، فقد ذابت طبقة الأسفلت في أغلب شوارعنا مع زخات المطر، فانكشف المستور وتعرى الفساد، وانفضحت السرقات، وتحولت شوارعنا إلى رصاصات من المقذوفات تتطاير يمينا ويسارا، حتى صرنا نخشى السير في الطرقات، فلا نعلم من أين ستأتينا الضربة وكيف ستكون الإصابة.
وكعادة مؤسساتنا في التنصل من المسؤولية، رأينا تبادل الاتهامات بين الأشغال والبترول، واتجهت سهامهما أيضا صوب المقاولين، حتى تاهت القضية بدخولها في دهاليز لجان البحث والدراسة.
أزمة الحصى هذه، وإن كانت كبيرة بما كشفته من مخالفات ضخمة، إلا أنها ليست سوى نقطة واحدة في بحر هائج من المخالفات، وسلسلة متواصلة من هدر المال العام، بين رحى الصراعات السياسية وفساد التعيينات القيادية.. لكن الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع أن هذا الفساد إذا لم يتوقف فستكون عواقبه كالعاصفة التي تأخذ في طريقها الأخضر واليابس.. ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.
[email protected]
mmaldgaini@