تساؤلات عديدة يطرحها المتداولون عن وضع سوق الكويت للأوراق المالية: لماذا لا يتم التدخل من قبل الحكومة عبر المحفظة الوطنية؟ الى متى التدني في السيولة ولا توجد رقابة؟ الخ.. من التساؤلات التي أصبحت امرا اعتياديا كزحمة الشوارع تكرهها ولكن مازلت تخرج كارها او محبا.
خلال 12 عاما من الخبرة في الإعلام الاقتصادي، فإنه لحسن الحظ عايشت مراحل مهمة مرت على السوق ابرزها الارتفاع الصاروخي للمؤشر الذي تجاوز الـ 16 ألف نقطة وأسهم كالمخازن التي عدت الـ 6 دنانير والدار 1.5 ومدار 1.250 .. الخ، ومن ثم بالخميس الاسود وخروج مظاهرات في الساحة المقابلة للسوق بالاضافة الى تحييد اسهم الخرافي واحداث اخرى من تغير رؤساء السوق والوزراء الى ان وصلنا الى إنشاء هيئة أسواق المال.
ما التمسته من خلال تغطيتي لتلك الأحداث أمرا واحدا وهو لا يمكن إرضاء المتداول الا بشيء واحد وهو تسلم الشيك محملا بالأرباح سواء بشكل شرعي او غير شرعي، فالمهم الأرباح ولا تعنيني لا رقابة ولا تنظيم، المهم الشيك!
وفي الوقت الحالي، انت عزيزي المتداول، تدفع ثمن تلك العقلية، فأنت من سمّن اصحاب الشركات «الخربانة» وأنت من ثبتهم في مقاعدهم، وانت من ساعد في خلق مضاربين او متلاعبين ومحللين اي كلام في السوق، وهؤلاء يجنون الملايين بينما انت تقتات على الاعطيات والاشاعات.
ثم أتت الهيئة بعد مطالبات ومظاهرات لتنظيم السوق وفرض القانون على التجاوزات والرقابة على شركات الوساطة وعلى من كان يرفع السوق بالسيولة الوهمية، لكن من خرج وطالب بتطبيق القانون وتدخل حكومي اصبح الآن هو اشد المطالبين بتخفيف الرقابة وتغيير سياسة تطبيق القانون.
ساعد في هذا الامر الشريحة الكبرى من المتداولين أصحاب ثقافة استثمارية بسيطة ولا عيب في هذا او انتقاصا ولكن هؤلاء من السهل توجيههم من قبل اللاعبين الكبار والمتنفذين وخلق نوع من الازعاج والفوضى للهيئة حتى يتم تغيير قانون او تقليل الرقابة.
بمعنى آخر شعبي «ودي أخدمك بس الهيئة واقفة بالنص» ولكن دون جدوى من تلك المحاولات لأن الهيئة كشفت الكثير ومنها حقيقة السوق الكويتي وكم يساوي فهي كشفت قدرة الشركات واداراتها الحقيقية والسيولة الحقيقية للسوق وكيف ان بعض الشركات ركيكة وليست لديها القدرة على دعم أسهمها.
اذن ما العمل؟ ببساطة يفترض اخذ الأمر بجدية، فالأموال المستثمرة بالأسهم هي أموالك ومدخراتك، فالمنطق يقول ان الرقابة دائما تحميك وليس العكس، وإذا كنت غير مقتنع بسوق المال الكويتي، فإن الفرص ليست محصورة فقط في شارع مبارك الكبير، يمكنك الذهاب خارج الكويت في أسواق اخرى يمكن ان تكون ملائمة لك والآن أصبحت الأمور أسهل من السابق، حيث ان هناك تطبيقات في جهازك تمكنك من التداول في أي مكان وفي أي وقت.
ولا تعيش على أمل الانتظار بأن تعود التداولات كعهدها السابق وتكون متفرجا، فمقاعد المتفرجين لا تصنع الاثرياء وأصحاب الثروات والأبطال، فهم دائمو البحث عن الفرص في كل مكان، ولا تنتظر ان يسمعك احد، فالكل يريد ان يسمع ما يريد، كحال المتداول عندما يخسر سهمه، يحاول التأثير في شخص آخر، فيقول له ان السهم سيرتفع انتظر! فلا السهم ارتفع ولا حياة لمن تنادي.
ولا تنس امرا مهما جدا وهو ان معظم من حقق الثروات في العالم حققوها في أسواق في أسوأ حالتها كجسي ليفرمور سنة 1929 في يوم الاثنين الاسود حقق 100 مليون دولار ما يعادل 8 مليارات دولار في وقتنا الحالي، وهذا ايضا بول تيودور جونز حقق مكاسب تجاوزت الـ 60% سنة 1987 مع انهيار السوق الأميركي اما بروس كوفنر فقد حقق 300 مليون دولار في نفس السنة خلال 20 دقيقة.
تذكر دائما ان ما يستطيع ان يفعله شخص أنت أيضا تستطيع فعله.. فقط حاول، فهؤلاء عانوا اكثر منك وكانت أسواقهم أشرس في تجاوزاتها ومشاكلها مقارنة بما يحدث عندنا.
[email protected]
ammarmarafi@