علماء النفس توصلوا الى ان هناك اكثر من 600 نوع من المخاوف عند البشر، ومنها الخوف من الظلام والخوف من التحدث والخوف من المرض.. الخ، حيث ان مخاوفنا قتلت فينا الابداع والابتكار والفكر او على الأقل لم تجعلنا نستمتع بشكل افضل بحياتنا، وخلال المراحل الدراسية الأولى كنا نخجل ان نسأل المدرس لسببين اما كي لا يقول الطلبة هذا الطالب يتفلسف او خشية ان يطردني المدرس ويضحكون، فعشنا تقريبا محدودي العقل والفكر، فقط كن مستمعا واذهب الى البيت.
وعندما ذهبت للدراسة في الولايات المتحدة كانت جميع الجاليات تتحدث باللغة الانجليزية وتشارك وتسأل وتجيب ويخرجون مع مختلف الجنسيات الاخرى فيما عدا نحن «الكويتيين او الخليجيين»، فكان يسيطر علينا السلوك ذاته وهو محاولة التملص من الاجابة او عدم المشاركة، وهذا طبعا نتيجة الارث الثقافي لدينا فهو يغذي ويساعد على التحجيم وربط اللسان.
اما اقتصاديا، فنحن غير مبدعين رغم المحاولات من البعض ولكن تلك المحاولات غير واضحة او غير مؤثرة على الاقتصاد، والسبب في ذلك هو الخوف من التطور او الابداع او الابتكار والتحدث عن افكارنا وتطبيقها، لذلك جعلنا توافه الأمور هي النجاح والعلو، فعلى سبيل المثال، شخص فتح مطعم هامبورغر اصبح قصة نجاح، او بنت قامت ببيع رهش ودرابيل وشاي تتصدر جميع وسائل الاعلام ومقابلات وتصوير، حتى اصبح نجاحها اكبر من نجاح المستشارة الألمانية انجيلا ميركل! وحتى انه طلب مني ان اعد تقريرا حول بعض الشباب الكويتيين الذين يعملون كجرسون، لكنني اعتذرت لان الموضوع لا يستحق، كما انني كنت أتمنى لو أقابل كويتيا يعمل في وكالة ناسا فهنا الأمر اكثر نجاحا واستحقاقا، والأهم هنا هو انني لا انتقد هذا العمل ولكن القصد هو ان ما يعملون به امر جيد ولكن المشكلة في التضخيم.
والجيل السابق عندما كان موظفا بسيطا كان يقول لو انا المسؤول لغيرت الكثير ثم دارت الأيام واصبح الموظف نفسه مسؤولا ولكن لم يعمل شيئا البتة او يغير الحال، وبعض الأشخاص الذين قابلتهم عندما كانوا موظفين متواضعين اصبحوا وزراء الآن ولم يتغير شيء ايضا.
اذن، الوضع سيستمر كما هو عليه نمجد ونعظم صغائر الأمور مادام الخطأ عند المجتمع للأسف يعتبر عارا وعيبا ويحجم فكرك ابتداء من المسؤول الذي يختار اشخاصا أدنى منه لكي لا يتفوق عليه، بل حتى الأب والأم عندما يقع طفلهما على الارض يبادر احد الابوين بعمل نوع من جبر الخاطر للطفل فيضرب الارض بيده ويوبخها حتى لا يحس الطفل انه اخطأ.
هذه لك، من عجائب الدنيا انه لو كان طموحك ان تشتري ساعةاو سيارة ثمينة فستحصل عليها لأنك ستعمل لكي تقتنيها لذلك اجعل طموحك كبيرا وستحصل عليه.
[email protected]
ammarmarafi@