دائما ما يدل المكان على صاحبه، إن كان مرتبا أو لا، فقيرا أو غنيا، أو حتى مريضا أو سليما، وعندما أسافر عادة ما تجذبني أمور معينة كأكثر الأشياء انتشارا في الشوارع من مكاتب واختصاصاتها ثم النظافة والزرع والنظام، وهذا في أي بلد أزوره حتى اكوّن فكرة عن الشعب والبلد واين ينفق أمواله.
لذلك قررت تطبيق هذه النظرية في الكويت، حيث تجولت في شوارع بلدي من مطار الكويت إلى الديرة والى الفحيحيل والى الجهراء، حتى تأكدت من نظريتي ووجدت أن توقعاتي صحيحة، فوجدت أكثر شيئين منتشرين في الكويت هما العيادات ومكاتب المحاماة أي الأمراض والمشاكل! وبمعنى آخر كأنك كل يوم تذهب لمستشفى وتختمها بمحكمة، فما هي النفسية التي ستحصل عليها نهاية اليوم؟
ولا عجب عندما تقرأ وتسمع التذمر من أن الرواتب لا تكفي، فمعظم الأسر تنفق ميزانيتها على الأمور الصحية والقانونية، وتلك الأمور تستنزف من ميزانيتك لأنها غالية الثمن ولها مراجعات، وكل مراجعة تبتلع من راتبك اكثر من 50 دينارا، إذا افترضنا أن راتبك 1000 دينار، وبعد تنهي ما عليك من استحقاقات الإيجار والديون وهي تتجاوز ثلث مدخولك فتذهب لتدفع ما تبقى على ما ذكرته، إذن فأنت ستدخل في السالب الذي انت سببه!
المهم، حاولت معرفة سبب انتشار تلك المكاتب والعيادات، فهل اذهب لكل عيادة ومحام واسأله؟ بالطبع ذلك أمر شبه مستحيل، لذلك اختصرت الطريق وعرفت أين اتجه لأعرف اكبر شريحة ممكنة بماذا تفكر وكيف تقضي يومها وما اهتماماتها.
وبصورة أوضح، في السابق كانوا يقولون إذا أتى شخص لخطبة بنتك اسأل عنه في الديوانية أو اصدقائه، وكذلك البنت اسأل عن أهلها، اما الآن فالأمر بسيط جدا، فقط ادخل على حسابهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وكما قال افلاطون «تحدث لكي اراك».
وبصراحة الجملة الأولى التي حدثت بها نفسي عندما فحصت وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وانستغرام وسناب شات، قلت فعلا إن هذا يفسر كمية العيادات بكل انواعها ومكاتب المحامين، فالكثير اما يقلد في النفخ والشفط او يتسبب في مشاكل قذف وسب.
ويجب على الجهات الرسمية التدخل السريع لحل هذه الظاهرة لأنها اخطر مما نتصور، فمن يقرأ في تاريخ الأمم سيعرف أن الأمراض والمشاكل فتكت بالشعوب والحضارات وجعلتها تفنى.
٭ هذه لك، بعض دول الغرب والآسيوية والخليجية عادة اقرأ عنهم انهم احتفلوا بإغلاق آخر سجن أو احتفلوا بإزالة آخر اشارة مرورية او احتفلوا بالقضاء على الروتين الحكومي، فمتى نحتفل نحن بإزالة آخر مستشفى؟
[email protected]
ammarmarafi@