في السبعينيات نفذ بعض اللصوص عملية سطو على بنك في ستوكهولم بالسويد، واحتجزوا رهائن لعدة أيام داخل البنك ونشأت علاقة بين اللصوص والرهائن وارتبطوا عاطفيا مع المسلحين إلى أن بدأ الرهائن يدافعون عن «الحرامية» بشراسة ومنهم من تأزم نفسيا عندما حرروهم من اللصوص.
القصة لها تفاصيل لن ادخل بها، ولكن ما يهمني هو ظهور مصطلح في علم النفس يسمى «متلازمة ستوكهولم» ارتباطا بتلك الحادثة التي تتلخص في أن الإنسان يحب من يقمعه ويدافع عنه، واربط تلك الحادثة بدفاعنا المستميت عن اخطائنا وارتباطنا العاطفي اللامنطقي بمعتقدات لم تعد تنفع.
وعندما تم بيع شركة نوكيا بكى الرئيس التنفيذي للشركة ستيف بالمير، وذلك بعد تردي اوضاعها وخسارتها بسبب انهم ظنوا انهم الأوائل بالتكنولوجيا ولن تخسر شركتهم حتى ظهر العملاقان آبل ومايكروسوفت ليكتسحا العالم بمنتجاتهما وتكنولوجيتهما التي تتطور بصورة لن يكبح جماحها أحد.
وخلال كلمته ذكر بالمير وهو يبكي انهم لم يفعلوا شيئا خطأ ولكن غاب عنهم التعلم والتغير والتكيف مع العالم، فقد كانوا يدافعون عن شركتهم عندما كانت في القمة واعتقدوا أن من المستحيل أن يتفوق عليهم احد.
وكذلك شركة كوداك اكبر امبراطورية للتصوير وتحميض الأفلام وكل ما يتعلق بالكاميرات سابقا، فأحد العاملين بها عند الاجتماع ذكر لهم انه يجب تطوير التصوير الفوتوغرافي وابتكار شيء كالصورة الرقمية، ووضع هذا الابتكار لدى الشركة حتى تكون لديها الاسبقية في ذلك.
وخلال الاجتماع علق الكبار بأنها فكرة سخيفة وأن الناس تحب الطريقة القديمة، وأدى هذا الدفاع عن التكنولوجيا القديمة إلى خسارة «كوداك» وتفكك الشركة والاستغناء عن اكثر من 90% من العاملين بها لأنها خسرت المليارات بعد ظهور تقنية الصور التي نراها الآن، وأيضا لا ننسى عند ظهور الإنترنت قال احد الخبراء في ذلك الوقت يجب ألا نستثمر في الإنترنت لأنها فكرة سخيفة! والآن أصبح الأمي هو الذي لا يستخدم الإنترنت.
ويقول عالم التاريخ الطبيعي تشالز داروين في أحد كتبه إن البقاء ليس للأقوى أو الأصلح وإنما البقاء للأكثر تكيفا. فهناك أمثلة كثيرة عندما يتعصب الإنسان لفكرة ما ولا يعطي لنفسه المحاولة والتجربة، فتلك الشركات في الواقع كانوا مرتبطين عاطفيا مع الجهل الذي وضعهم في قالب لا يستطيعون الخروج منه، بينما هناك شركات جعلت اكبر اداراتها هي ادارة البحث والتطوير وأغدقتها بالمليارات لتخترع وتبتكر، فالمنافسة شعاع له بداية وليست له نهاية وإذا احرزت هدفا في الدقيقة الاولى من المباراة فهناك 89 دقيقة ليتفوقوا عليك.
٭ هذه لك. انظر حولك وقارن بينك وبين الدول التي لا تتعصب اقتصاديا وفكريا فهم بانفتاح وراحة وأنت!... لك الجواب.
[email protected]
ammarmarafi@