منذ أوائل السبعينيات وأنا أذهب مع والدي، رحمه الله، إلى سوق السلاح، حيث محل الوالد هناك، مع عشقي للماضي وسعادتي بالحاضر ولكل منهما ألم وحب وأمل.
العم عبداللطيف سليمان الإبراهيم من ذاك الجيل، جيل عصامي، جيل يعرف معنى التدين، جيل يعرف معني المحبة، جيل يعرف معني القيم.
لا تخلو الأجيال من هفوات هنا وهناك، لكن بالمجمل جيل الرعيل الأول جيل حبيب إلى النفس، جيل يعرف معنى توحيد الله بحق، ويأخذ التدين سلوكا يوميا وسلوكا حقيقيا يلامس المشاعر. العم المرحوم عبداللطيف الإبراهيم، حبيب المسجد، ونور القادسية، ومسجدهم بالقرب من بيته يشهد له عند الله ومكانه يعرفه به ربه سبحانه وسجد وأدى الأمانة.
العم الإبراهيم حبيب إلى النفس عرفته قبل مماته بـ 10 سنوات أو أقل تقريبا، إن حضرت ديوانه فهو يخصني أن أجلس بالقرب منه نتحاور في كل شي، عن العمل الخيري بالأخص وأحوال أهل الحاجات ومواضيع شيقة نتحاور بهدوء وسكينة وتجد عليه وقار العلماء ومسحة التقوى لم أشهد بمجلسه غيبة ولم أشهد نميمة إنما حوارات جميلة ومواقف أجمل.
اتصل بي مرة (وسألني بكل محبة هل الوقت مناسب؟).
وطلب ان أحضر الديوان وبكل هدوء كما كان سمته، وناولني شيكا بمبلغ وقال تصرفه على أهل الحاجات، وبالفعل قمت بصرفه وتوزيعه على أسر متعففة وأبلغته بكل النتائج فرح وشكرني على ذلك.
يحدثني أحد رواد مسجدهم أن العم عبداللطيف كعادته، رحمه الله، يجلس بعد صلاة الفجر الى الشروق وبعد الشروق يصلي ركعتين ثم يتفقد أحبابه من الكبار والشباب.
العم الإبراهيم له مواقف طيبة أخرى تشعر بأنك أمام شخص ملأ، تبارك ربي، قلبه حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم نحسبه كذلك والله حسيبه، وأذكر موقفا آخر في إحدى الزيارات في ديوانه كل يوم أحد أجلسني بالقرب منه، كما هي عادته، رغم بعض الأحيان وجود بعض الوجهاء والأعيان، لكنها والله يشهد محبة في الله لا غير، لا يجمعنا به، رحمه الله، إلا ذلك.
قال: دخلت مزادا لشراء بيت ويبدو ان هذا البيت المعروض مناسب موقعا وغيرها من مواصفات ثم تراجعت باللحظة الأخيرة بل كاد المزاد يرسو لي.
قلت له وما سبب ترددك قال: شاهدت أهل البيت الذين بيع بيتهم فرق قلبي لهم فعفت البيعة!
قلت في نفسي والله يا عم بوسليمان كم سمعنا من يدفع ما عنده لأجل موقع كان يتمناه وأنت تحجم عنه لأجل خواطر بشر لا تعرفهم، لله درك، وغفر الله لك وحماك ووسع الله في قبرك.
أنا شخصيا أجد من أمثال العم بوسليمان قدوة في أمور متعددة أفتقدها وإن كان لا زالت الدنيا بخير.
رحم الله العم المرحوم بإذن الله عبداللطيف سليمان الإبراهيم، وعزاؤنا لجميع أبنائه الكرام وبناته وأنسبائهم وعموم آل إبراهيم، ونصيحة خالصة من قلبي أن تسجلوا وتوثقوا خصال وأخلاق العم بوسليمان حتى يعرف الأبناء والأحفاد من هذا الرجل الكريم الحبيب الى القلوب.
كم أفتقد من أمثالك وكم أشعر بأن زوايا مسجدكم وموقعك يشعر به محبوك.
أتمنى ان يخلد اسم العم عبداللطيف سليمان عبداللطيف الإبراهيم في صرح خيري أو تعليمي، رحمه الله، وعهد لنفسي سأتصدق بيني وبين الله عن العم بوسليمان من دافع أنني أحببته بالله وفي الله.
وعند الله نجتمع بإذن الله عز وجل في جنات الخلد جميعا.
رحمك الله.
[email protected]