هناك أناس إذا رحلوا عن الدنيا ينتابك شعور داخلي بل ويقين أن من يعرف هؤلاء يقول من داخل أعماق قلبه رحل بطل من أبطال الدنيا، بل وتدعو الله أن يكون له أو لها الفردوس الأعلى من الجنة.
الأستاذة المربية فوزية السليمان، رحمها الله، توفيت في الأسبوع الأول من رمضان، ورحلت مع مناسبة عرس البلاط الملكي البريطاني، وأنا أتصفح صفحات «الأنباء» قرأت بعض توابع العرس الملكي وطبيعة الحضور وتفاصيل أخرى، وحينما وصلت إلى الصفحة الأخيرة في زاوية الوفيات وجدت اسم المربية الفاضلة فوزية السليمان، وبلا شعور قلت رحمك الله بل أنت الملكة، من لا يعرف الأستاذة مديرة مدرسة الشامية المتوسطة للبنات، حيث كان بناتي سبيكة ومنيرة وشيخة ممن عاصرن تلك الفترة التي كانت فترة ملكية بإدارة المربية الفاضلة فوزية السليمان.
في تلك الفترة خلال أكثر من خمس وعشرين سنة كنت أسكن في بيت الوالد، رحمه الله، بضاحية عبدالله السالم وبيننا وبين مدرسة البنات المتوسطة شارعان، لكن أصرت زوجتي على أن يدرس جميع بناتي في الشامية المتوسطة بنات، وعند سؤال زوجتي عن السبب قالت ألا تعرف الناظرة فوزية السليمان، ان من يعمل معها فإنه يعمل مع نموذج راق من الأدب والتوجيه والتنظيم وروح الأسرة الواحدة وبنات المدرسة سيكنَّ في أفضل أحوالهن ما دامت المربية فوزية السلمان بها، وبالفعل بناتي الثلاث استكملن دراستهن كلها تحت إشراف تلك الملكة فوزية السلمان، رحمها الله.
لمن لا يعرف تلك الروح الطيبة كانت تتفقد الجميع، وكانت تصادق الجميع، وزوجتي لا يكاد يوم واحد يفوت إلا وهي تذكر من أسلوبها وأخلاقها، وأنا كنت فخورا جدا أمام أقراني بأن مدرسة الشامية المتوسطة بنات تنافس المدارس الخاصة، خصوصا تلك الفترة التي شهدت بداية انطلاق المدارس الخاصة ونشوتها.
المربية الفاضلة فوزية السليمان أتذكر تماما حينما أتوقف أنتظر بناتي بعد انتهاء اليوم الدراسي أشاهدها وهي تتفقد البنات بروح الأم وبروح المربية وبروح الإخلاص الذي ينطلق من داخلها، كم نحتاج إلى من يكتب سيرة هؤلاء الأبطال علما وأدبا وأخلاقا لتكون تلك السجايا دليلا للأجيال الحالية.. رحم الله المربية الفاضلة فوزية السليمان والعزاء لزوجها الذي يخدم ومازال مجتمعه بكل إخلاص الفريق عبدالله عبدالرحمن الفارس.
وأكرر عزاءنا لكل أهلها وذويها وكل أحبابها، رحلت الملكة فوزية ملكة التربية والناظرة المتميزة.
[email protected]