رجال صامتون مثابرون يعرفون الحقوق كاملة لهم وهج ولهم روح خاصة لا تعرف خصالهم إلا حينما يعيش معهم، المغفور له بإذن الله، علي حسين العيسي من هذا الصنف تهابه وتحبه وتحترمه وتسمع منه ولا تمل حديثه.
هناك صنف من الأثرياء صعب الجلوس معه لهم أنفة ولهم طباع تنفّر منه! أما علي حسين العيسى فهو بالفعل صنف ذو طباع جميلة، عرفته من أوائل التسعينيات وأجلس معه في مسجد عبدالله بن أبي بكر جلسات مناسبة نتناول الحديث في كل شيء، وهو راقي الطبع وتشعر وأنت تجالسه بصداقة حقيقية، وبطبيعة عملي في المجال الخيري كنت أحاوره واعرض عليه بعض المجالات الخيرية وفي كل عام اتصل به أواخر شعبان ونتفق على إقامة ولائم إفطار، واستمرت هذه العادة أكثر من 10 سنوات بصمت وهدوء، وفي إحدى السنوات لم نقم تلك الولائم لأسباب انشغالي ببعض الظروف وسبحان ربي يأتيني اتصال من بوحسين ويقول بصوته الحنون (ها ماذا سويت هذه السنة؟) ويلومني لوم المحبين لتأخرنا في إعداد إفطار الصائم.
بوحسين العيسى اعتبره صديقا حنونا رغم الفارق بالسن لكنه رحمه الله يعرف كيف يتواضع ويعبر عن وجهة نظره بسلاسة وروح راقية.
من ذكرياتي معه حينما تزوجت عام ١٩٨٥ ميلادية بارك لي وقال تجهيز مطبخك من محله للأواني المنزلية، وبالفعل ذهبت مع زوجتي وكلي ثقة بأن هذه الهدية من صديق وجار المسجد ولم اشعر بالحرج او التردد وعندما ذهبنا الى محله بشارع فهد السالم آنذاك عرفت زوجتي به رحمه الله، وتصادف ان عمي والد زوجتي الأستاذ مبارك صالح العنيزي صديق الدراسة مع بوحسين، ومن يومها لم يفت يوم الا ويسألني عنه بل اصر يوما ان اخذه بسيارتي لزيارة عمي في بيته، وكم فرح عند زيارته لعمي وتذكرت حينها كم هي الصداقة والأخوة والمحبة بين رجالات اهل الكويت. رحم الله اخي وأستاذي وحبيبي علي حسين العيسى وكم تأثرت ان هذا العام في شعبان الحالي لن ارفع الهاتف وأقول (ها بوحسين ولائم الإفطار جاهزة).
رحمك الله.. رحمك الله، فأنت علامة من علامات الجناعات، غادرت دنيانا، وعزاؤنا أن ابنك الحنون الراقي حسين سيكون مثلك بإذن الله.
[email protected]