«المستذئب» شخصية خرافية تناولتها الأفلام السينمائية منذ عقود تتحدث فيها عن أناس عاديين يتحولون في ظروف خاصة إلى ذئاب نتيجة لتفاعل طبيعة أجسامهم مع مؤثرات خارجة عن إرادتهم.
وتحدث شخصية المستذئب تحولا جذريا في أحداث الفيلم، فتكون رمز الدمار والخراب والمكائد، وتصبح مختلفة تماما عن كل ما كانت تمثله قبل التحول.
لكن على الأقل «الرجل الذئب» في الأفلام الغربية يعطيك تلميحات عن تغيراته الفيزيولوجية ويعطيك بعض الوقت حتى تحاول أن تنفذ بجلدك منه.
على عكس العديد من الناس لدينا الذين يبهرونك بروعتهم ومساندتهم في البداية إلا أنهم مع الوقت «يستذئبون» أو «يتثعلبون» فجأة وبدون سابق إنذار تسقط أقنعتهم على مر المواقف فترى أنيابهم بارزة ليس بهدف الابتسام بل للانقضاض عليك في أول فرصة حتى يكونوا أول الغانمين منك حالما تسقط أرضا.
المستذئب هو ذاك الصديق الذي طالما اعتبرته صديقا ووثقت به وصاحبته في السراء والضراء، لكن موقفا ما أظهره على حقيقته بما فيها من كذب ونفاق ورياء.
المستذئب هو ذاك القريب الذي تربطك به صلة دم أو نسب والذي من المفترض أن يكون سندك و«عزوتك» في وقت الشدة والمحن إلا أنك تفاجأ بأنه أول الشامتين، وأن صلة القرابة لا يمكن أن تكون دائما إثباتا للنصرة والدعم.
وهو رفيق درب عاهدك على الإخلاص والوفاء ومع مرور السنين تكتشف أن عهوده لم تبن لك سوى سقف من ورق يبدأ الماء بالتسرب منه شيئا فشيئا كلما هطل المطر حتى تجد نفسك غارقا في بحور من الندم على ثقتك العمياء وعلى خذلانه المخيف لك وتخليه عنك في أحلك الظروف.
هو الزميل الذي أعنته حتى يشتد عوده ويفرض نفسه فيجازيك على إحسانك بنكران جميلك وغدرك فيتغذى من أفكارك ويولم من عزائمك، ثم يتحالف ضدك مع أعداء نجاحك حتى يسقطك.
وتستغرب تحولهم الصادم، وتكاد لا تعرف من هم حقا، وما أخلاقهم؟ أقول لهؤلاء الناس ما لكم لا تتفكرون.. اننا كلنا فانون؟ ما لكم لا تروضون أنفسكم وتتعقلون؟ ليتكم «تستكلبون» علكم تتعلمون وفاء الكلاب وإخلاصها، وتذكرون الفضل بينكم ولا تكونوا للعشرة منكرين.
اتقوا الله مثقال ذرة واصدقوا القول وحافظوا على العهد حتى لو على رقابكم ولا «تتحيونوا» كالمستذئبين!
وفي الأخير تحية للناس الأفاضل «أولاد الأصول» الذين مهما قست ظروفهم لا يتغيرون، يشاركونك آلامك وأحلامك ولا يتخلون عنك في انكساراتك مهما كانوا منشغلين.
شكرا لأولئك الذين يبقون معنا للنهاية ولا ينكرون العشرة مهما تعرضوا لظروف الحياة، فليس كل من كان موجودا في البداية كان صادقا في وعوده، وابحث فقط عمن وقف إلى جانبك إلى النهاية عندما تخلى عنك الجميع وسحبك إلى بر الأمان، عندما كنت على وشك الوقوع وشاركك فرحة النجاح في الأخير، ذلك هو الفوز العظيم.