رعاة التطرف والإرهاب لا يتورعون عن ترويع الأبرياء وإزهاق الأرواح بذريعة الإسلام وهو منهم براء، يحملون راياتهم السود، يسمونها رايات التوحيد، ونسميها رايات الظلام.
يستغلون الشهادة، أهم أركان الإسلام، ليحيطوها بسواد رايتهم، يوظفونها حتى يقنعوننا بأنهم حامو الإسلام ورعاة المسلمين، وما يخدعون سوى أنفسهم وفاقدي الهوية والدين الذين ينجرفون وراء دعوتهم عن جهل وسذاجة.
يدسون عرابي فتنتهم بيننا لتخريب عقول شبابنا، فيحللون الحرام ويحرمون الحلال، اجتهاداتهم اليومية تملأ أجواءنا يستهدفون امتصاص الأوكسجين منا وحجب أشعة الشمس عنا.
أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «دعاة» وما هم حتى بأشباه دعاة، يطلون علينا عبر فضائياتهم ومواقعهم، يريدون تسميم أفكار أبنائنا عبر تحوير معاني الكلام، ويشوهون تفسير الدين حسب مفاهيمهم الظلامية، وأي اجتهاد هذا الذي يقنعون به الشاب بتكفير أبيه وأصحابه وبنيه؟! أي اجتهاد هذا الذي يحولون به الشخص إلى لغم في انتظار التفجير؟ يعتمدون على «الدمغجة» والترغيب والترهيب ليقنعوا الشباب بقتل الأبرياء وتفجير أنفسهم طمعا في ملاقاة الحور العين، وبينما يسعون إلى استقطاب الفتيات والشابات للالتحاق بصفوف المجاهدين في جهاد من «نوع آخر» على أمل نيل الشهادة والجنة.
أي جنة هذه أيها الأبله؟!
يجندون قليلي الإيمان وضعيفي الفكر لقتل الأبرياء وسبي النساء وهدم البيوت وتخريب المدن ودفن معالم الحضارات.
أي جنة هذه أيها الأبله؟!
نعيش اليوم على حافة الهاوية في واقع مبني على تناقضات تتعب الفكر وتحير العقل.
في الوقت الذي نمتلك فيه أقوى وسائل التكنولوجيا والتطور، نمر بواحدة من أصعب فترات التاريخ، فالجهل في انتشار رغم سهولة الوصول إلى المعلومة، والتعصب في تزايد رغم السعي المتواصل للانفتاح على الآخرين والدعوة للتسامح.
أسرح بمخيلتي بعيدا عن الواقع وتتبادر لذهني تساؤلات عديدة: ماذا لو كان التطور الذي نشهده اليوم قد حدث في عصر غير عصرنا الحالي؟ ماذا لو كان التقدم في الاتصالات والتكنولوجيا والعلم قد حدث قبل بضعة قرون؟ كيف كان من سبقونا سيستغلون كل ما نتمتع به اليوم؟ ولو كانت العقول المتطرفة التي تلاحقنا الآن قد ظهرت في عهد سابق، هل كانت ستجد المجال مفتوحا أمامها لنشر أفكارها السامة والتغلغل في المجتمع؟
نملك العلم والتقدم، لكن دولنا العربية لم تعد تتمتع بالأمان، فهي تعيش في صراعات داخلية وخارجية وخروقات أمنية، جراء انتشار الفكر المتطرف، نسوا فلسطين المحتلة وتناسوا بورما المستضعفة، وقصدوا ليبيا وسورية والعراق مهد الحضارات، فعاثوا فسادا ودمروا المتاحف والآثار، وهجروا العائلات وقتلوا الناس وخربوا بيوت الله، وفي كل ضربة يهللون ويصرخون تكبير تكبير!
لعمري، أمرهم لغريب عجيب، لهم أجسام البغال ورؤوس العصافير، تخونهم البلاغة والفصاحة، فما تسمع منهم سوى السب والشتم والتطاول والتكفير، يتبجحون بجرائمهم ويحسبونها انتصارات، وأفضل ما يصف حالهم قول الله تعالى: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ـ البقرة: 11- 12).
لن يخيفنا إرهابهم، ولن تسكتنا جرائمهم، ولن يكبلنا تطرفهم، فمهما كان عددهم ومهما بلغت قوتهم فلن يستطيعوا ترهيبنا ولن يجعلونا نتخلى عن ديننا، فالظلام يتبدد بشعاع نور مهما كان بسيطا، فثقافتنا البيضاء رمز التسامح والصفاء، وتمسكنا بأخلاقنا ومبادئ إسلامنا والسير على خطى سلفنا الصالح هي أكثر ما نحتاج إليه في عصرنا هذا، فالنور مقابل الظلام، وثقافة الحياة ستغلب ثقافة الموت، ولن نستسلم ولن ننهزم.. وبإذن الله سننتصر.
[email protected]