لم تكن حواء سوى جناح مكسور ونفس مقهورة، لطالما تعرضت للظلم، وشكت التجبر والاستبداد الذكوري المجحف منذ القدم.
ولعل هذه المعضلة الأزلية هي الدافع وراء تحول المرأة من كائن مستضعف بريء إلى وحش كاسر يحرق الأخضر واليابس في أكثر الأحيان للحصول على مبتغاها.
بعد عصور من الدونية والتهميش بدأت القوانين الربانية في تكريس حقوق المرأة، وجاء الإسلام ليكمل الديانات السابقة وليضمن حياة المرأة وصون كرامتها وعزتها، وتبلورت بعد ذلك القوانين التشريعية مع ظهور الدولة بمفهومها الحديث فأصبحنا نتحدث عن معاهدات واتفاقيات دولية ومنظمات حقوقية تكرس حرية المرأة وتعنى بالدفاع عن حقوقها وتنادي بالمساواة بين المرأة والرجل.
غير أن هذا التطور في العلاقة بين الجنسين لم يكن ليرضي غرور المرأة التي لاتزال تشعر أحيانا بأحقاد دفينة نحو من رسخ فكرة استعبادها لها في داخلها، ففي أول موقف أو خلاف تشهر كل أسلحتها وتستميت في الدفاع عن نفسها، لم تتخلص من عقدة الدونية وتعسف الرجل في معاملتها فتتحين أي فرصة حتى تبرز قوتها.
أصبحنا في عالم عادة ما ينحاز الى المرأة يحميها ويساندها، فتتعسف أحيانا في استعمال حقوقها لتجعل من حياة الرجل جحيما لا يطاق، ففي أغلب قضايا الطلاق تسعى جاهدة الى مصادرة أمواله والتضييق عليه وتبذل الغالي والنفيس من أجل أن تنتقم منه ويصبح الأولاد مجرد أداة للضغط فتواصل معركتها ضده في المخافر وأمام المحاكم وتقتص منه قصاصا مجحفا وتجعل حياته محطات متتالية من المآسي والآلام.
تتحصل على حضانة الأولاد ومصاريفهم وتحصل معهم على المسكن والنفقة وتظل تطلب وتطلب حتى يجد نفسه مثقلا بالمصاريف والطلبات ومحاصرا بالأحكام فيشتغل طيلة الشهر حتى يوفر طلبات الطليقة ويتقي شرها لأنه على علم تام بمدى عدائيتها وتسلطها، وقد يكره الزواج والأولاد وحياته كلها.
وتصل حالة الشر والخبث بحواء أحيانا إلى درجة رفض الزواج ثانية أو تفضل الزواج غير الرسمي حتى لا تتنازل عن نفقتها وحتى لا يتمكن زوجها السابق من الحصول على حضانة الأبناء، فتختار بذلك حياتها ولكنها تصر على حرمانه من تجديد حياته عن طريق الضغط المادي والنفسي، فضلا عن حرصها على تشويه صورته في عيون أبنائه فتعمد إلى التأكيد على تقصيره وإهماله وتسعى جاهدة إلى استدرار عطفهم واستمالتهم نحوها وتحريضهم على والدهم وتملأ قلوبهم غلا وسخطا، فتكون علاقتهم به مشحونة بالخلافات والنفور ويكونون مجرد بيادق تحركها للهجوم على من كان يوما رجلها.
كمية من الحقد تنقلها من قلبها إلى حياتهم فتدمرهم وتدمره معها.
مسكين من وضعه القدر في مواجهة امرأة من هذا النوع لا تتوانى في هدم حياة أقرب الناس إليها حتى تثبت أنها تغلبت على عقدتها وانتصرت على ضعفها مهما كانت الوسائل أو النتائج.
ليتها تسامح وتغفر وتضع نصب عينيها مصلحة أبنائها وتتخلى عن الحلم الزائف بالانتصار على غريمها الأبدي، فحياتها وسعادة أولادها أهم من مطارداتها ومعاركها الواهية.
زينة زريق
[email protected]