بدأ العد التنازلي للتخلص من المرحلة الانتقالية اللعينة التي هيمن فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة على مقدرات الأمور في مصر لمدة اقتربت من سنة ونصف السنة. وبدأ الرئيس المنتخب د.محمد مرسي بإصدار القرارات الجمهورية الموجعة للفلول ومن يدور في فلكهم. وكان أول قرار أوجعهم هو قرار عودة مجلس الشعب المنتخب لعقد جلساته وممارسة اختصاصاته بما يعني إلغاء القرار الذي اتخذه المجلس العسكري بحل مجلس الشعب.
لقد شعر الثوار بسعادة غامرة بهذا القرار الذي جاء بردا وسلاما عليهم وعلى كل مصري يحب بلده ويريد لها الخير، إلا أنه وقع كالصاعقة فوق رؤوس فلول الحزب الوطني المنحل وأذنابه من المستفيدين من الفساد الذي عم البلاد طوال حكم مبارك وعصابته، فقد أصبحت مصر بعد الثورة إما ثوارا وإما فلولا.
لقد تسبب هذا القرار الجمهوري الجريء في بلبلة قانونية ودستورية رهيبة مما دفع بعض المنتفعين من النظام الفاسد إلى تقديم دعاوى أمام المحكمة الإدارية يطالبون فيها بإلغاء قرار رئيس الجمهورية بل ومحاكمة رئيس الجمهورية ووصل البعض إلى المطالبة بحبسه. وهؤلاء للأسف معظمهم من رجال القانون إلا أنهم قانونيون منتفعون على غرار الإعلاميين المستفيدين من فساد مبارك وحكمه لأنهم يريدون العودة بمصر إلى الوراء بحجة احترام القانون والدستور!
الغريب في الأمر أن هؤلاء يتجاهلون أن كثيرا من مساعدي الرئيس د.محمد مرسي من رجال القانون وأنهم لا يغيب عنهم مدى قانونية أو دستورية أي قرار يتخذه الرئيس. فليس من المعقول أن يتخذ الرئيس قرارا جمهوريا بهذا الشكل دون دراسته دراسة وافية قبل الخروج به إلى الناس. أما مسألة نزاهة القضاء التي يتحدث عنها القانونيون باستمرار فهي ليست محل شك ولكنها مسألة قانون وضعي يخطئ ويصيب ولا يستطيع أحد أن يجزم بأنه صحيح 100%.
وبالعودة إلى القرار الجمهوري الذي اتخذه الرئيس د.محمد مرسي بعودة مجلس الشعب أقول إنه بالتأكيد القرار الصحيح من وجهة نظرنا كثوار رغم أننا لا ندعي أننا نفهم في القانون أو الدستور. ولكن ببساطة أقول إن د.محمد مرسي لم ينتهك القانون ولا الدستور بهذا القرار لأنه لم يقم بإلغاء حكم المحكمة الدستورية وإنما قام بإلغاء قرار المجلس العسكري لأنه قرار بني على باطل حيث ان المجلس العسكري لا يحق له اتخاذ مثل هذا القرار خلال الفترة الانتقالية.
ونتمنى من د.محمد مرسي بعد هذه الخطوة الجريئة أن يبادر باتخاذ قرار آخر بإلغاء الإعلان الدستوري والإعلان الدستوري المكمل (أو المكبل كما يسمونه) والعمل بدستور 1971 لحين الانتهاء من الدستور الجديد، وإلغاء كل القرارات التي اتخذها المجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية لأن هذه القرارات جاءت غير دستورية أيضا كما فهمنا من رجال القانون المخلصين والمعتدلين فلابد من محو ما أفسده العسكريون خلال الفترة الانتقالية.
وإذا كان د.مرسي يسير على مبدأ «شوية شوية» فهو الآن مدعوم بالشعب والثورة ولا أحد فوق شرعية الميدان الذي أقسم أمامه الرئيس د.مرسي القسم الجمهوري قبل أن يقسم أمام المحكمة الدستورية. أما إذا كان يخشى على حياته فأنصحه بألا يخشى إلا الله وحتى إن استطاعت يد الغدر أن تصل إليه، وهذا وارد، فسوف يكون شهيدا بإذن الله وهذه أكبر جائزة له من المولى عز وجل.
وأطالب الرئيس أيضا بأن يبادر إلى التخلص من آثار الحكم البائد المتمثل فيمن عينهم مبارك لتفصيل القوانين على مقاسه ومقاس عصابته، وتعيين أشخاص من الكفاءات غير المحسوبين على النظام البائد وهم كثر ومشهود لهم بالنزاهة. كما أطالبه بمحاسبة كل رجال الإعلام الفاسدين وأصحاب الفضائيات المشبوهة على ملياراتهم التي لا نعلم من أين اكتسبوها. فليس أمام الرئيس إلا الضرب على الحديد وهو ساخن.
[email protected]