سعدت كثيراً وأنا أقرأ التقرير المتميز الذي أعده 29 باحثا أكاديميا كويتيا من جامعة الكويت وتم نشره من خلال منصة «Kuwaitimpakt» والذي سلط الضوء على التحديات الخطيرة التي تواجه التنمية الكويتية، والتي تفاقمت مع انخفاض أسعار النفط واستمرار النتائج الإنسانية والاقتصادية المدمرة لجائحة كورونا، والتي تواجه حالة من عدم الانتباه واللامبالاة ولم تستطع حتى الآن أن تخلق رأيا عاما قويا يواجه الشلل الحكومي في مواجهة تلك التحديات الخطيرة والمستفحلة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
ويعتبر هذا الجهد فرصة حقيقية لإعادة الاهتمام بتلك القضايا التي تناولها التقرير والذي لم يكتف فريقه بتحديد المشاكل فحسب، بل تعدوا ذلك لمناقشة الركائز الأساسية التي يجب أن تستند إليها أي حلول والتي تشمل استدامة الاقتصاد في ظل شفافية واضحة ومكافحة فساد في ظل عدالة اجتماعية ترتكز على المنهج العلمي للحل بدلا من الحلول الترقيعية التي تكلف اكثر من فائدتها.
تناول التقرير أخطر تحدّ اقتصادي يواجه البلاد منذ الاستقلال وهو الاعتماد المطلق على البترول دون المبادرة لتنويع مصادر الدخل، وبخاصة مع الادلة الدامغة التي تؤكد التحول التدريجي عن استخدام النفط كمصدر للطاقة في العالم ناهيك عن سعي الدول الصناعية لتخفيض نصيب النفط من مزيج الطاقة في السنوات العشرين القادمة. وفي مقابل ذلك نرى تعميقا لذلك الاختلال، وضغطا كبيرا لرفع الإنتاج لإشباع نهم الميزانية العامة للدولة التوسعي في ظل انخفاض مستمر للأسعار. وعلى الرغم من أن الإنفاق الرأسمالي في الميزانية هو المعول الوحيد لإنشاء المشاريع التي يمكن لها أن تخلق فرصا للتنويع الاقتصادي، نجد أن الانفاق الرأسمالي أخذ في الانخفاض، واصبح موجها لإصلاح البنية التحتية التي بدأت تتهالك وتزدحم مع ارتفاع الاستهلاك نتيجة ارتفاع النمو السكاني غير المنضبط، وخاصة فيما يتعلق بالعمالة الهامشية غير المنتجة.
انتقل مؤلفو التقرير إلى مناقشة الحالة المحبطة العامة الناتجة عن الفساد ـ بكل أنواعه ـ والذي تصدر وسائل الإعلام المحلية والعالمية، خاصة أن تلك الحالات المعلنة لم يتبعها نشر مستمر لإجراءات واضحة ومعلنة لطمأنة الرأي العام أن هذه الاعتداءات ستواجهها عقوبات في حال ثبوتها، وأن السياسة الحكومية المعلنة تدعمها ملاحقة وعقوبات صارمة حتى لا يصل الفساد إلى جميع أرجاء الدولة كالأورام الخبيثة.
ولا يكفي المقال لعرض أهم ملامح التقرير الذي شاركت فيه نخبة من اساتذة جامعة الكويت المتخصصين في العلوم الادارية والاقتصادية، لذا اشجع القراء على قراءة التقرير بما يحمله من معلومات واضحة وملخصة حتى يمكن لنا كمواطنين أن نضع اقدامنا على بداية طريق الاصلاح وذلك «قبل فوات الأوان».
[email protected]