منذ سقوط مبارك ونظامه الفاشل ونحن نتلقى كل يوم صدمات عنيفة تظهر مدى الخضوع والخنوع للولايات المتحدة وإسرائيل الذي عاشته مصر على مدى 3 عقود متتالية. وقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذا الخضوع جاء نتيجة ضعف شخصية الرئيس المخلوع من جهة واستغلال هذا الضعف من قبل زوجته وولديه والمحيطين به من جهة أخرى.
وقد لاحظنا أنه كلما ضغطت الولايات المتحدة وإسرائيل على مبارك لقبول أي وضع مهين ضد مصلحة مصر تجدهما ـ الولايات المتحدة وإسرائيل ـ تمارسان ضغوطا جديدة على مبارك لقبول تنازلات أخرى جديدة لصالحهما.
وقد كشفت لنا الأيام بعد ثورة يناير أن مصر المسكينة كانت تحكمها عصابة من اللصوص والخونة الذين باعوا كل شيء مقابل مصالحهم الذاتية. وتبين للمصريين أن هؤلاء المفسدين، بعد أن سرقوا ونهبوا وزوروا وارتكبوا كل الموبقات في حق مصر وشعب مصر، قاموا بتهريب معظم أموالهم خارج مصر لعلمهم أنهم جمعوها بطرق غير قانونية.
ورغم علم الولايات المتحدة بفساد هذه العصابة إلا أنها لم يكن لديها مانع من استمرار حكمها لأن هذا النمط من الحكم يحقق أحلام الولايات المتحدة وإسرائيل، حلم أميركا بأن تظل منطقة الشرق الأوسط ـ الزاخرة بالخيرات ـ تحت رحمتها، وحلم إسرائيل بأن تبسط نفوذها بسهولة على مصر مادام نظام الحكم فيها يرتع في الفساد. فهم يعلمون جيدا أن فساد الحكم يؤدي إلى سقوط الدول. وظل الحال على ذلك طوال فترة حكم المخلوع.
ورغم اطمئنان أميركا وإسرائيل على الأوضاع في مصر، إلا أنه ضمانا لعدم خروج أوراق اللعبة من أيديهما، قاما بإرسال عدد من جواسيسهما إلى مصر تحت مسمى منظمات المجتمع المدني وأمداهم بالمال والخبرة اللازمة للعمل لحساب الولايات المتحدة في التجسس على مصر بحجة تقديم ما يلزمها من تدريب لتطبيق الديموقراطية.
وبمجرد سقوط نظام مبارك بدأت هذه المنظمات المدربة، وبما أمدتها الإدارة الأميركية من أموال وخبرة في مجال جمع المعلومات، تستقطب الأحزاب والائتلافات المصرية الثائرة ضد النظام وتمدها بالمال والتدريب اللازمين حتى تظل تحت تصرف الولايات المتحدة ويستمر الخضوع والخنوع لأميركا بعد نجاح الثورة.
وعندما تكشفت الأمور أمام السلطات المصرية وبدأت عمليات ضبط أعضاء هذه المنظمات والتحقيق معهم، هاجت الولايات المتحدة وبدأ أعضاء في الكونغرس والحكومة الأميركية ينددون بما قامت به السلطات المصرية من إجراءات ضد من انتهكوا القانون المصري.
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: ماذا لو رفضت مصر الخضوع للولايات المتحدة وإسرائيل كما خضع لهما مبارك وعصابته؟ ماذا لو تعامل الساسة الجدد مع الساسة الأميركيين معاملة الند للند؟ ماذا لو أعلن المسؤولون في مصر عن رفضهم للسياسة الأميركية الضاغطة على العرب بشكل مستمر لصالح إسرائيل؟ ماذا لو وصل الأمر إلى نشوب حرب مع أميركا وإسرائيل؟
أعتقد أن البعض سيتهمني بالجنون. ولكنني على يقين بأن الشعب المصري ـ وليس الجيش ـ الذي تمكن من الإطاحة بمبارك وعصابته، قادر بإذن الله على هزيمة أميركا وإسرائيل حتى وإن استخدمت أميركا وإسرائيل أعتى الأسلحة.
أتعلمون لماذا؟ لأننا أصحاب قضية وهذه أرضنا ندافع عنها باستماتة أما هم فليس لهم حق في هذه المنطقة التي يحاولون اغتصابها بغير حق وسيفاجأون بأنهم يحاربون أناسا يحبون الموت في سبيل الله كما يحبون هم الحياة. وقد كان لهم في استقبال ثوار يناير لنيران أسلحة مبارك بصدورهم العارية عبرة وعظة.
[email protected]