بيروت ـ داود رمال
شهدت بيروت مجزرة جديدة بحق المدنيين في منطقة البسطا، ذات الكثافة السكانية العالية، جراء غارة إسرائيلية استهدفت المنطقة، ما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى.
هذا التطور الخطير فتح الباب أمام تساؤلات حول طبيعة الردود المحتملة من «حزب الله» ومسار التصعيد الإسرائيلي ودور الوساطات الدولية.
وقال مصدر لبناني واسع الاطلاع لـ «الأنباء»: «يشكل استهداف البسطا تطورا نوعيا في العدوان الإسرائيلي على لبنان، كون المنطقة التي تعتبر قلبا نابضا للعاصمة، شهدت دمارا هائلا في البنى التحتية وسقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين بينهم أطفال ونساء. كما ان هذا الاستهداف يعكس محاولة إسرائيلية لإضعاف الروح المعنوية في الداخل اللبناني والضغط على القوى المقاومة عبر الضرب في عمق العاصمة».
وأضاف المصدر «ربما يؤدي هذا العدوان إلى تكريس حزب الله معادلة بيروت مقابل
تل أبيب. ورد حزب الله على هذه المجزرة قد يحمل دلالات استراتيجية. فقد سبق وأكد الحزب معادلة بيروت مقابل تل أبيب، والتي تعني توسيع دائرة الردع ليشمل العمق الإسرائيلي إذا ما استهدفت العاصمة اللبنانية. وأي رد مماثل من الحزب سيكون بمنزلة إعادة ترسيخ لهذه المعادلة، مع احتمالية رفع مستوى التصعيد على الجبهة اللبنانية ـ الإسرائيلية، في ظل محاولات إسرائيلية لاحتلال مدن رئيسية مثل بنت جبيل والخيام».
وسأل المصدر «هل يكون تصعيد ما قبل الهدنة أم تعطيل للوساطات؟ فالتصعيد الحالي يطرح تساؤلات حول توقيته وعلاقته بجهود الوساطة الأميركية التي يقودها المبعوث الرئاسي آموس هوكشتاين. وتشير المعلومات إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ هوكشتاين بأن إسرائيل تحتاج إلى أسبوعين على الأقل لاستكمال خطتها العسكرية في لبنان، بما يشمل تنفيذ عمليات اغتيال واستهداف بنك أهداف محدد، وهذه المعلومات فتحت الباب أمام سيناريوهين:
1 ـ تصعيد ما قبل الهدنة: قد يكون الهدف من هذا التصعيد تحقيق مكاسب عسكرية على الأرض لتقوية الموقف التفاوضي لإسرائيل قبيل التوصل إلى وقف إطلاق النار.
2 ـ تعطيل الوساطات: على الجانب الآخر، قد يشير هذا العدوان إلى نية إسرائيلية لإفشال جهود الوساطة الأميركية، ما يعني مزيدا من الانزلاق نحو حرب واسعة النطاق».
وعن الهدف من التصعيد الإسرائيلي وإلى أين يقود، رأى المصدر انه «يبدو أن الساحة اللبنانية قد تدخل مرحلة جديدة من الصراع تحمل مخاطر كبرى. التصعيد الإسرائيلي في بيروت قد يدفع القوى الإقليمية والدولية إلى تسريع جهود التهدئة لتجنب تفجر الأوضاع فيما لا يمكن احتواؤه. ومع ذلك، فإن التحركات الإسرائيلية الأخيرة توحي بأن تل أبيب تواصل سعيها إلى تحقيق أهداف عسكرية وسياسية قد تتجاوز حدود الحرب الحالية».
ويعتبر المصدر ان «العدوان الإسرائيلي على البسطا يشكل تصعيدا خطيرا قد يغير معادلات الردع في المنطقة. وبينما تتباين التوقعات بين تصعيد محدود يسبق الهدنة أو تعطيل متعمد لجهود التهدئة، يبقى مصير الجبهة اللبنانية مرهونا بتطورات الأيام المقبلة. ومع استمرار استهداف المدنيين والبنى التحتية، يصبح السؤال الأكثر إلحاحا: هل تستطيع القوى الدولية لجم إسرائيل قبل الانزلاق نحو مواجهة شاملة؟».