ضمن أنشطة مهرجان الكويت المسرحي في دورته الـ 17 انطلقت الندوة الفكرية الرئيسة في المهرجان والتي تأتي تحت عنوان «مسرح الطفل في الكويت» وشارك فيها نخبة من الباحثين والرواد في مجال المسرح ومسرح الطفل بحضور الأمين العام المساعد للثقافة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدر الدويش وعدد كبير من المسرحيين العرب ضيوف المهرجان، وشارك في المحور الأول كل من الكاتبة القديرة عواطف البدر والناقد والكاتب المسرحي علاء الجابر وأدارت اللقاء الإعلامية القديرة أمل عبدالله.
وتحدثت الكاتبة عواطف البدر عن إنتاج مسرحيات الأطفال وقالت: قبل أن أبدأ في إنتاج مسرحيات خاصة بالطفل، من خلال مؤسسة البدر لمسرح الطفل في العام 1976، مارست الاهتمام بالمسرح من خلال الكتابة والإخراج والإشراف على مجموعة كبيرة من المسرحيات التربوية الهادفة التي قدمت على مسارح مدارس وزارة التربية ضمن احتفالات المدارس في نهاية كل عام دراسي وفي المناسبات الوطنية والدينية وهذا ما دفعني إلى الاهتمام بمسرح الطفل الذي بدأته بعد تقاعدي من التدريس والإدارة المدرسية، وأسست في منتصف السبعينيات مؤسسة البدر للإنتاج والتوزيع الفني- إذاعة، تلفزيون، سينما، مسرح- العام 1972، ثم فرقة مؤسسة البدر لمسرح الأطفال في العام 1976، والتي أنتجت عشر مسرحيات موجهة إلى الأطفال تناقش جملة من القضايا التربوية والتعليمية والسلوكية والطفولية والإنسانية، وهي على النحو التالي: «السندباد البحري، البساط السحري، ألف.. باء.. تاء، العفريت قفص الدجاج، سندريللا، الإنسان الآلي، الطنطل يضحك» وجميع هذه المسرحيات من إخراج الفنان الراحل منصور المنصور، ثم جاءت مسرحية «حلوة يا دنيا» وهي أول مسرحية تقدم للمعاقين ثم مسرحية الخاروف البهلوان.
وأشارت إلى بعض العقبات التي واجهتها قائلة: واجهتني بعض العقبات الفنية والمعوقات الإدارية، تمثلت في عدم الاهتمام والرعاية الرسمية من أي جهات أخرى، ثم تطرقت البدر إلى مسرحية «الدانة» باكورة الإنتاج لتقديمها في «مهرجان الطفل الثقافي الأول»، واعتبرت المسرحية أول عمل مسرحي يقدم في الكويت أبطاله جميعا أطفال.
الجابر: أطالب وزارة الإعلام بشراء مسرحيات الأطفال
ثم تحدث الكاتب والناقد علاء الجابر في ورقته البحثية التي جاءت تحت عنوان «مسرح الطفل عوامل النشأة»، قائلا: أولى بدايات المسرح في الكويت، كما اتفق معظم الباحثين في هذا المجال - التي تتوافر فيها الأسس المسرحية - كانت بين العامين 1938 و1939، من خلال مسرحية «إسلام عمر» التي أخرجها ومثل فيها محمد محمود نجم، وشهدها الشيخ أحمد الجابر أمير الكويت حينذاك، بصحبة مجموعة كبيرة من كبار رجالات الدولة وأعيان الكويت.
لتتوالى بعدها المسرحيات التي شكلت دعائم المسرح في تاريخ الكويت الحديث، حيث توالت المسرحيات تباعا كالآتي: مسرحية «فتح مصر» (العام الدراسي 1939/ 1940)، «حرب البسوس» (1944)، «عبدالرحمن الداخل» (1944)، «صلاح الدين الأيوبي» (1944)، وظلت التجربة تدور ضمن نطاق المدرسة داخل الكويت، بالإضافة إلى بعض التجارب المسرحية للطلبة الكويتيين في القاهرة، إلى أن برزت تجربة المسرح الارتجالي بعد ذلك، حتى وصول زكي طليمات إلى الكويت، بدعم من حمد الرجيب، وبدء انطلاقة مؤسساتية للمسرح في الكويت، وظهور فرقة المسرح العربي، التي اقترحها طليمات، والتي شكلت نواة الفرق الأهلية المسرحية، إلى جانب فرقة مسرح الخليج 1963، وفرقة المسرح الشعبي 1964، وفرقة المسرح الكويتي 1964.
وتابع: حرك وجود الفرق المسرحية الأهلية دماء الشباب المتعطش للمسرح، وأفرزت تلك الفرق حالة من التنافس والإنتاج المسرحي المتدفق، واستلزم هذا النشاط أن يؤطر بشكل علمي أكاديمي، فكانت البداية بإنشاء مركز الدراسات المسرحية في العام 1963 وتحول في العام 1973 من مجرد معهد يمنح الدبلوم، إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، يمنح طلبته شهادة البكالوريوس في النقد والأدب المسرحي، إلى جانب التمثيل والإخراج والديكور.
وأضاف الجابر: المسارح الأهلية لم تسيطر وحدها على الساحة المسرحية، فقد عرف الفنان الكويتي المسرح الخاص منذ البدايات، وكان أول من فكر في إنشاء فرقة مسرحية خاصة الكاتب الراحل عبد الأمير التركي، في العام 1974، وتبعته مجموعة كبيرة من الفنانين الذين استقالوا عن المسارح الأهلية، أو لم يلتحقوا بها أصلا، ليكونوا فرقهم الخاصة من خلال شركات الإنتاج الفني ومن رحم الشركات الخاصة، انطلق مسرح الطفل ليمثل خطا مسرحيا موازيا لمسرح الكبار، ومكملا لمسيرة المسرح في الكويت، وعلى الرغم من بداياته البسيطة، فإن العروض المسرحية المقدمة للأطفال توالت بسرعة كبيرة حتى تجاوزت عدد ما قدم من مسرحيات الكبار، رغم الفارق الزمني الكبير، وأسبقية مسرح الكبار، ونشير إلى أن ورقتنا هذه تتناول «مسرح الأطفال البشري»، فعلى الرغم من وجود مسرح عرائس سابق عليه، لكننا لم نتناوله في دراستنا هذه، لأن مسرح العرائس قد لا يوجه إلى الطفل، وعدد كبير من العرائسيين يعتبرون أن مسرح العرائس ليس جزءا من مسرح الطفل، بل هو مسرح قائم بذاته.
وأشار الجابر إلى عدد من التوصيات في نهاية بحثه، الذي يبلغ 59 صفحة فيما تناولت الورقة المطبوعة 20 صفحة فقط، منها تقصير وزارة الإعلام في شراء مسرحيات الأطفال، وعدم تجهيز المسارح بما يتناسب ومسارح الأطفال، ومبالغة النجوم في أسعارهم، مطالبا الجهات المسؤولة بإقامة ورش للأطفال بمعايير علمية بعيدا عن العلاقات الشخصية، وعلى المعهد الاهتمام بمسرح الطفل، موصيا بضرورة دعم القنوات الفضائية لمسرح الطفل.