حان وقت أذان المغرب، وتجمع الكل حول مائدة الإفطار، منهم من يدعو ويسبح ومنهم من يستمع إلى الراديو، ومنهم من يقلب قنوات التلفاز بانتظار المدفع، ومنهم من ينتقي من الأطباق الشهية ما يبدأ به.
أصوات الصحون والملاعق والكؤوس تملأ المكان، الباب يطرق قبل الأذان بدقائق، بالطبع، فالصحن الدائر بدأ رحلته بين الجيران! النقصة الجميلة من أطباق بلدان مختلفة: يمنية، كويتية، إيرانية، وشامية! تحط الرحال لتكون ضيفة السفرة.
دقائق قليلة هي الأجمل، فمشاغل الحياة تمنعنا بالعادة من أن نجتمع على سفرة واحدة لا نخلف الميعاد! تجمعنا طرائف الأحداث ومشاغل الأعمال، من عصبية البعض ومرح الآخر وسكينة قلوب الجميع!.
انطلق مدفع الإفطار معلنا كسر الصيام لتبتل العروق! لينكسر حلم اليقظة معلنا الواقع الصعب لتبتل العيون بالدموع: مقاعد فارغة من أصحابها، أصحاب خطفهم الموت أو الغربة وما أقسى هذان الواقعان! وما أعنف الخاطف! دقائق قليلة كفيلة بأن يمر أمام عينيك شريط الذكريات الذي لا تستطيع إيقافه بكبسة زر، بل يعصف بكيانك لتلعب دور البطولة والمتفرج، وفي كلتا الحالتين، دور لا تملك إلا أن تعيشه لبرهة من الوقت لتعود مرة أخرى إلى مقعدك في الحياة.
دقائق قليلة كفيلة بأن تثير مشاعر، كنت ظانا أنك أحسنت التعامل معها، ولكن هيهات، تطل عليك فجأة فتدرك قوتها. ذكريات تبكيك وتضحكك في الوقت نفسه! مقاعدكم فارغة، سيأتي أناس ويحتلونها، لكن مكانكم في القلب باق.
ليرحم الله من وارى الثرى أجسادهم ومازالت أرواحهم تحفنا. وكان الله في عون من سكنوا غربة أيامهم وليس فقط أوطانهم.
[email protected]
www.growtogether.online